DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

د. وسمية عبد المحسن المنصور

د. وسمية عبد المحسن المنصور

د. وسمية عبد المحسن المنصور
أخبار متعلقة
 
هل تستحق الابتسامة أن نطيل الحديث عنها ؟ أليست الحقيقة أننا نخوض فيما يعوزنا البحث عنه ، يروى عن برناردشو الكاتب الإيرلندي الساخر أن أحد الكتاب المبتدئين سأله يوما مستنكرا : لماذا يا سيد برنارد شو تكثر من الكتابة عن المال وأهمية المحافظة عليه ؟ فأجابه برناردشو متسائلا : وعم تكتب أنت أيها الشاب الطموح ؟ فبادر المتأدب بفخر واعتزاز نافخا صدره رافعا رأسه : إنني اهتم بقيمة الشرف فأكرس قلمي للكتابة حول هذا الموضوع فما كان من برناردشو إلا أن باغته برد من فئة القذائف الصاروخية « كل امرئ يحسن الكتابة عما ينقصه». أليست الأحداث الفاجعة ومرارة الواقع التي تصفعنا كل يوم تمضي بنا إلى طريق معاكس، نبحث فيه عما يعوزنا ، فنحن بحاجة إلى أن نعي الجانب الجميل في الحياة ، وأن نشعل مصابيح الأمل .. فالتفاؤل يضفي على النفس هدوءا، ويساعد على اتقاد الذهن وانتزاعنا من سراديب الكآبة التي تعطل الإنتاج، وتنغص على المرء حياته. نحن جميعا نسعى إلى إضافة الابتسامة المشرقة عند التواصل مع الآخرين ، إن سحر تأثيرها يفعل في المتلقي ما يفوق قوة الحجج المقنعة ، إنه يدفع المتلقي إلى جادة التقبل الإيجابي فلا يلحظ نقصا أو قصورا، إن عروسا قد بذلت مبالغ باهظة على زينتها وكلفة ثوبها لكنها عند الزفة غالبها الروع والرعب من جمهور الحفل ، فقطبت جبينها وتلاشت ابتسامتها وحل مكانها عبوس واكفهرار فانهار بناء الزينة المكلف ولم يرحم الحضور اضطرابها فتندروا على بشاعتها التي كانت نتيجة لغياب الابتسامة وليست طبيعة فيها.. ومشهد آخر .. عروس ترتدي ثوبا غير مكلف ، رفعت قيمته بابتسامتها الوضاءة التي تلألأت فحسب المحتفلون أنها تزينت من الألماس أشده بريقا، ومن الثياب أفخمها وأبدعها.. فما السر في سيطرة انطباع ما على المتلقي ؟ يرى العالم الفيزيائي الفرنسي ( إسرائيل واين باوم ) 1906م أن تعبيرات الوجه تتأثر بجريان الدم إلى الدماغ , وهو ما يمكن أن يخلق مشاعر إما إيجابية أو سلبية . تكتنف صناعة الابتسامة ملابسات تؤرجحها بين الزيف المتكلف والطبيعة السمحاء .. بين التطبع المصنوع والعادة المكتسبة.. إننا لا نستطيع فصل الموقف الذي يستدعي صناعة الابتسامة عن طبيعة الشخص الذي يصطنع الابتسامة ، فالبشر فئات يتفاوتون في تزكية النفس أو قهرها ، فثمة نفوس لا تقدر على التطبع بالابتسام .. لذا تأتي ابتسامتها المصنوعة مزيفة لا تحتاج خبيرا يفضح زيفها وتلونها ، فبعض عضلات الوجه التي تفعل الابتسام لا تستجيب للعمل الإرادي الموجّه بوعي الفاعل وتلك العضلات هي التي تحيط بالعينين .. لذا تجد الابتسامة المصنوعة مرسومة على الشفتين بمعزل عن العضلات في القسم الأعلى من الوجه وبالأخص ما يحيط بالعينين مما يضفي صورة غريبة تجمع بين متناقضين نظرة عين باهتة لا تعبير فيها وشكل ابتسامة مصنوعة لا تنطلي على الناظر لأنها ثابتة قد تستغرق زمنا وهو ما لا تعرفه الابتسامة الطبيعية التي تعكس شعورا حقيقيا لا مصطنعا .. فزمنها لا يتجاوز ثوان معدودة. وضع صناع الابتسامة تلك الحقائق العلمية في برنامج صناعة الابتسامة ، فعند تدريب المبتسمين يزاوجون بين إخضاع عضلات العين لاستجابات عضلات الفم ، يظهر ذلك في ابتسامة المشتغلين بالإعلان التجاري نساء ورجالا ، الذين يجعلون الابتسامة أداة لغة الإقناع .. فكلما قاربت الابتسامة المشاعر الحقيقية ، جاء أثرها بالغا ، وهو ما يدفع المعلنين إلى تمثل تلك المشاعر والاندماج فيها، لتبدو طبيعية فإن محاولة تقليد ابتسامة الآخرين من المشاهير أمر ميؤوس منه ، فالإعلان أحد مدارس التمثيل والتخييل ، وليس من مدارس طب التجميل الذي تهافت عليه بعض البشر من الجنسين لصناعة ملامح أحد الفنانين أو الفنانات مما وسم كثيرا ممن خرج من تلك العمليات بختم موحد ضيع من ملامحهن خصوصية الجمال الطبيعي. إن من علوم صناعة الابتسام (علم الضحك والابتسام ) ، وهو علم احتل مكانة في المؤسسات التجارية لأن من غاياته تحسين العلاقات الاجتماعية وتنمية جوانبها الاقتصادية وتزاحم التربية السياسية الدبلوماسية المؤسسات التجارية في الأخذ من علم الضحك والابتسام ، ففي المجال التجاري يعلن أحد مديري شركة أمريكية كبرى أن ابتسامته للعاملين في شركته كانت سببا في إشاعة الود وشعور الرضا الذي حفز الطاقة الإنتاجية فزاد معدل الأرباح وتسببت في إشاعة مشاعر إيجابية كالرضا والود وذلك يفوق كسب مليون دولار يوميًا .. ومن رجال بورصة نيويورك الشهيرين وليم ستينهارت الذي ذكر في مذكراته بعض أسرار نجاحه ومنها أنه تحول عن تقطيب الوجه وعبوسه إلى الانبساط والابتسام مع العملاء والمتداولين في البورصة. قال تعالى: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) [آل عمران 159]