DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

د. وسمية عبد المحسن المنصور

د. وسمية عبد المحسن المنصور

د. وسمية عبد المحسن المنصور
أخبار متعلقة
 
أنستطيع أن نفهم دلالات الابتسامة؟ ما السر الكامن وراء الابتسامة؟ يقول المتنبي وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي ==0== حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ إِذا رَأَيْتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً ==0== فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يَبتَسِمُ ويقول مخاطبا كافور تظن ابتساماتي رجاءً وغبطةً *** وما أنا إلا ضاحك من رجائيا فهل هي ابتسامة واحدة؟ لقد خطَّأ المتنبي من يتلقى ابتسامته ويفهمها على غير وجه دلالتها ووصمه بالجهل الذي قاده إلى التهلكة، فليست الابتسامة ذات دلالة ثابتة فهي وإن كانت في قصيدته الميمية إنذارا بعواقب الأمور، فقد جاءت ابتسامته لكافور استهزاء ينطق بحقارة المتحدث عنه، فالرجاء لا يتحقق عنده وإنما جاءت الابتسامة تعبيرا عن المفارقة بين بعدين لا يلتقيان سوء خلق المتحدث عنه والرجاء، وقديما قالت العرب (شر البلية ما يضحك). وأما انتهاء الابتسامة إلى الضحك فأذكر قولا نقله أنيس منصور في كتابه: (قالوا) «الضحك ابتسامة انفجرت» وجاءت قراءة الرصافي للمتنبي متمثلة دلالات الابتسامات المتباينة فلا تتداخل عنده الابتسامة بالخداع يقول الرصافي: ==1== ويضرب أطناب المُنى لي هازلاً ==0== وما أنا مخدوع بما هو ضاربه وبيناه يبدي لي ابتسامة خادع ==0== ==0== يُقطّب حتى لا تَبينَ حواجبه==2== الصورة عند الرصافي تعكس الحركة الانتقالية السريعة التي تجمع بين النقيضين فالابتسامة علميا تتطلب بسط الحاجبين وتنافي انقباضهما، وفطنة الرصافي ترصدت تدافع القبض والبسط في حركة الحاجبين فخلص إلى تصنيف تلك الابتسامة انها (ابتسامة خادع). يدعي بعض الباحثين أنه يمكن تصنيف الابتسامات في 18 نوعا والكتابات الاستهلاكية لا تندرج في سياق البحث العلمي المؤسس على الدرس والتمحيص فمثل هذه الموضوعات يتيح المجاز والتشكيل اللغوي آفاقا غير متوقعة يمكن أن تصنف في مساراتها أنواع لا متناهية للابتسامة. فهناك ابتسامة الفجر وابتسامة القلب وابتسامة الحظ وابتسامة الوردة....إلخ يمكن لنا إذن وبشيء من المحاولة ليس إلا أن نرصد بعض ما جاء في تراكيب وصفية أو إضافية كانت الابتسامة العنصر الأول للتركيب فنصل إلى تراكيب وصفية تضفي على الابتسامة ألوانا فهي: ابتسامة صفراء إذا وشت بلؤم صاحبها، والابتسامة الناصعة البيضاء تقترن بصحة النوايا وصدق الغرض، أما الابتسامة السوداء فهي التي تخفي أكثر مما تظهر، وهناك ابتسامة لا لون لها زائفة. ومن الأوصاف ما يفضي إلى غرض المبتسم يذكر منها ابتسامة النداء والإغراء، والابتسامة المضللة التي يكون المتلقي فيها أضعف شخصية من المرسل، وتحمل ابتسامة التهكم نظرا فوقيا للمبتسم يصفع فيه المتلقي، وفي ابتسامة الشماتة قسوة تنال من المندحر، أما ابتسامة المجاملة فهي متفاوتة وفق سياقاتها فقد تكون فاقدة للشخصية باردة لا لون ولا طعم، وقد تكون صدقة ترمي للتواصل الإيجابي، وهي تنافي الابتسامة المغرضة التي استقر اصطلاح مسماها الوظيفي للغرض النفعي. ونوع من التراكيب الإضافية يكشف عن مسبب الابتسامة، ابتسامة المجروح، ابتسامة اليأس، ابتسامة الصبر، ابتسامة الحرج، ابتسامة الفرح، ابتسامة قلق، ابتسامة الثقة، ابتسامة الزهو، ابتسامة الغرور. وبعض الأوصاف يقيس درجة حرارة الابتسامة فمنها ابتسامة دافئة وأخرى باردة. وصفات أخرى تحدد أطر ترسم شخصية الابتسامة فلدينا الابتسامة البريئة، والغامضة، كذلك الابتسامة البلهاء وقد تأتي الابتسامة خارجية ونزف المشاعر الداخلية محتدم بالتناقضات قال ابن الرومي: باسطُ الوجهِ ضاحكُ السن بسَّا مٌ على حين كُرْهِهِ والرّضاءِ والتأرجح بين العبوس والابتسام قد يكون سمة المعشوق الذي يطمح إلى إبقاء جذوة الوجد مشتعلة. قال ابن الجياب الغرناطي (ت 745هـ) ==1== فمن شام منها اليوم برق تبسُّم ==0== ==0== ففي الغد تلقاه بوجه جهنَّم==2== فهو يلتظي بين ابتسامة البرق المضيئة والابتسامة النارية الحارقة. وقد يفوق بريق ابتسامة الممدوح ابتسامة البرق قال الطبطبائي آل بحر العلوم (ت1019هـ) تبسَّم ضاحكًا والبرق يسري فأخجل ضاحك البرق ابتساما وليست الابتسامة حاضرة في كل وقت فقد يكون هناك من شواغل المرء وهمومه ما يحجبها يقول طوقان: و يا أسفا ألاّ أُطيقَ ابتسامةً ==0== إذا خَطَبَتْ للهمِّ حولي غَياهب لذا تفنن طالبو التبسم بابتداع آليات تحفزها وتستدعيها وقد تثيرها إلى أقصى درجات الضحك الذي يتجاوز التبسم إلى القهقهة الصاخبة ومنها ما يدخل صاحبه في طور يشبه الإغماء يغيبه عمن حوله حتى أنهم قالوا يصفون الشيء المضحك شخصا كان أو عملا فنيا (يموتنا من الضحك). من آليات استدعاء الابتسام ان تبتسم أمام من تحدثه فيستجيب لك؛ فالابتسامة فيها شيء من العدوى إذا وظفت في مقامها الملائم، ومنه أن تطالب به كما يفعل الأشقاء المصريون بقولهم (النبي تبسم) فهي دعوة للاقتداء به. ومن الفنون التي كرست لإثارة الضحك وزرع الابتسامة فنون الكاريكاتير والأعمال الفنية ذات الصبغة الكوميدية منها المسرحية والسينمائية والبرامج التلفزيونية، وكذلك الإذاعية. وننتهي إلى أن أجمل ابتسامة هي ابتسامة الرضا وأصدقها ابتسامة طفل وأعزها ابتسامة حبيب، وأن مفتاح التواصل الإنساني ابتسامة، ولنا في منهج حبيبنا المصطفى خير قدوة يقول عبدالله بن الحارث يصف لنا قدوتنا:»ما رأيتُ أحدًا أكثر تبسمًا من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّث حديثًا إلا تبَسَّم وكان مِن أضحك الناس وأطيَبَهم نَفسًا». وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( تبسمك في وجه أخيك صدقه ) رواه البخاري. وما أروع ما قال البوصيري: سَيِّدٌ ضِحْكُهُ التَّبَسُّمُ وَالْمَشـيُ الهَوَيْنَى وَنَومُهُ الإِغفاءُ [email protected]