DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الهام أحمد

الهام أحمد

الهام أحمد
أخبار متعلقة
 
أليس رائعا أن نجد إجابة على أي سؤال غامض يصطدم وفهمنا فلا يجد له تفسير ؟ أسئلة من ذلك النوع الذي يتعلق بحيرتك في فهم شخص ما ، كيف يفكر؟ ولماذا يفكر بهذه الطريقة؟ ولماذا يختار هذا المسار دون غيره في حياته؟ ولماذا يتمنى كذا وكذا؟ خذ مثلا عندما يخبرك شخص بأن من أحلامه تكوين أسرة بعدد كبير من الأطفال, وأنت ترى أن ذلك غريب لأنك تعتقد أن التربية تقتضي المنطق في اختيار عدد الأطفال، أو أنه يفضل أن يعيش وحيدا وأنت تعتقد أن الوحدة عامل موحش يكسر ثقة الإنسان في الحياة . ألا تجد أن الشعور بالاندهاش داخلك يحدث فقط لأن ما يقوله هذا الشخص لايتناسب وطريقة تفكيرك، وليس لأنه شخص سيء ؟ والحقيقة أن كل إنسان يحمل معه ميراث حياته الذي قد يختلف عن ميراثك ، والخيارات التي نضعها في حياتنا ما هي في الأساس إلا سلسلة من الروابط لشيء ما عشناه منذ أيام الطفولة ، وفهمنا لذلك يهيئ لنا النجاح في التعامل مع الآخر مهما اختلف عنا, ولا يحدث هذا الفهم إلا بالصبر والإنصات الجيد والاعتماد على الذكاء الحسي والعقلي في إصدار الأحكام. لكن هل نحن مطالبون بممارسة تلك العملية الشاقة كلما تعرفنا على شخص جديد؟ بالطبع لا ، لكن ربما كان من المهم أن تجري عمليات الفهم هذه مع شخصية ستضطر لمعاشرتها لفترة ، في عمل أو زواج أو صداقة . أما الباقون فهم مجرد عابرين وليس لدورهم تأثير في حياتك. نذكر ذلك اليوم لأننا نخسر أناسا طيبين بسبب هذا القصور في الفهم ، ولأننا نجد أنفسنا في مصادمة دائمة مع أفكارهم وكأننا مطالبون بإصلاحهم, بينما العلاقات الجيدة تبنى أولا على تقبل الآخر بعيوبه ومنها يمكن استيعاب أخطائه والاستمتاع بفضائل قيمه وأفكاره. الفهم يوسع دائرة الصداقة ، أو حتى الحب بينك وبين الإنسان الذي يسكن أيامك, ويجعلك لا تخاف من مصارحته بأمر لأنك ستكون قد أقمت كل الجسور القوية بينكما بفهمه. وأتذكر عبارة جميلة لكاتبة تدعى موريسون تقول ( ان على كل إنسان يختلط بأناس آخرين من ثقافات مختلفة أن يتذكر ثلاثة أشياء : أولا، أن معرفته لغة الآخر ليست دليلا على انه أصبح قادرا على كسب وده، وعلى إقناعه، والاقتناع به، والاهم على فهمه, لكن الالتصاق والاندماج يعتمدان على «الأشياء الصغيرة»، وذكرت منها طريقة الكلام، وتعابير الوجه) وأول شروط الفهم عدم الاعتماد على حكم مسبق لأن الاحتكاك المباشر هو الصورة الحقيقية التي يجب أن نعتمد عليها ، فهو يعطينا الفرصة لاكتشاف الآخر في لحظات فرحه، غضبه، نجاحه، حزنه...الخ. وأعتقد أن البعض ممن لايملك حس الذكاء الاجتماعي يقع في مطب خاصة في بداية عمل جديد ، حيث تبدأ فئة أسميها المتطوعين النمامين بإعطائه صورة عن بعض الشخصيات في العمل فيستسلم لها دون أن يحرك إحساسه أو عقله للتأكد من حقيقة هذه الصورة . التأني وحده يمكّنك من أخذ هذه الفرصة التي هي من حق الآخرين علينا ، وقد تفاجأ بأن من ظننته عدوا أصبح أعز الأصدقاء ، أكثر من هؤلاء المتبرعين بدمائهم الفاسدة ليشوهوا صورة فلان وعلان . وقد تحاول إبعاد شخص ما عنك لمجرد حكم عاطفي عليه في موقف ما أو لأنه طرح فكرة ما وتظلمه بها وتكتشف بعد فترة أنه لم يكن يستحق منك ذلك . وكما نعلم شخصيات البشر حولنا متنوعة ، لكن دعني أطمئنك أنه ليس مطلوبا منك فهمها كلها لأن ارتياحك لبقاء أحدها في حياتك سيحدد تلقائيا اختيارك . المطلوب فقط إن كنت من هؤلاء الذين يريدون تجنب وجع الرأس أن تخرج بأقل الخسائر في التعامل مع هذا التنوع .. كيف ؟ حسنا ببعض الأمور الصغيرة كتجنب الدخول في جدال عقيم ، اختيار الوقت الملائم لقطع الثرثرة بطريقة دبلوماسية ، إعطاء اقتراحات مفيدة كبدائل تساعد على اتخاذ قرار، البعد عن المزاح الجارح ، تجنب إثارة الأمور التي تثير الغضب ، البعد عن الهجوم المباشر في الكلام ، التركيز في الاستماع دون مجاراة كاملة إن أحسست بأن ما تسمعه غير مقبول ، والتركيز جيدا في الجوانب الايجابية . كل تلك الاحتياطات العامة قد تحميك من ردورد أفعال لا تحبها مهما كان نوع الشخصية التي أمامك . ومن المهم أيضا أن نعلم أن فهمنا للآخرين وتقبلهم لا يعني انسلاخنا من شخصياتنا الحقيقية للتواؤم مع طريقة تفكيرهم فعلى الآخر نفس المهمة لفهمك . لكن لا تغضب إن لم يفهمك فليس كل البشر متساوين في مستوى تعاطيهم مع الأمور لهذا تجد أن الشخصية الجذابة هي وحدها من تستطيع أن تنجح مع جميع الفئات لأنها لا تجهد نفسها في تخطيء الآخرين ، وتستقبل الاختلاف ليس بمزاجها الشخصي بل بما يشعر الآخرين بالألفة معها . فهي لا تتذمر ولا تشتكي ظلما آخر إلا في الضرورة ، ولا تحاول إلغاء وجود إنسان في قلوب الآخرين . بل تلجأ غالبا للصمت الرزين وعدم جرح أحاسيسهم . فالكلمة القاسية وإن أصابت روح الآخر فستدمي علاقتك به, وإن كانت تلك الإرشادات الوقائية بصعوبة تنفيذها أحيانا مهمة في تغيير سلوكك لفهم الآخر ، إلا أنها ستجعل حصيلتك من الأصدقاء أو الأحباب أكبر لأنك ستعذرهم وتفهم إخفاقاتهم في التعامل معك ولن تتركك فريسة للألم مدة طويلة لأنك لم تنجح في إيصال نفسك إليهم . فقط عليك أن تعرف أن الأوان لم يفت لتبدأ لأن التغيير هناك لا يرتبط بعمر. [email protected]