هل صحيح ان المواطن العربي «يئس من القمم العربية»؟ بقدر ما تكون الإجابة حذرة، لأنها تتعلق في النهاية بضرورة توافر قاعدة علمية وصحيحة للبناء عليها معلوماتياً على الأقل، إلا أنه من الواضح ان هناك شيئا من اللامبالاة تجاه هذه القمم، وأحداث كثيرة يمكن اعتبارها وراء هذا الانفصام ما بين الشارع العريض والقمم المتتابعة. المواطن العربي الذي تم تدجينه بالشعارات الفارغة طيلة قرابة ستين عاماً، لم يجد أي جديد، وفشلت هذه القمم في ترجمة أقوالها إلى أفعال تنعكس على حياته ومستقبله، والمواطن العربي الذي دخل ويدخل في أنفاق مظلمة بفعل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي المتباين.. والمتراكم بفعل إرادات وعوامل محلية وإقليمية ودولية، ساهمت في هذا التردي المؤسف... ما زال ينتظر الكثير من قياداته. من هذه النقطة تحديداً، تبرز الأهمية المعنوية والاستراتيجية لقمة الرياض باعتبارها تشكل منعطفاً خطيراً في تاريخ العمل العربي المشترك، وما يواجهه من تحديات وصعوبات وطموحات في نفس الوقت. في هذه المرحلة الحرجة والمهمة، أخذت المملكة على عاتقها أن تكون رائدة التغيير الهادئ وبدون ضجيج، وما استضافتها للقمة المقبلة في الرياض، إلا رغبة حقيقية في بناء قدرة تحول عربية فعلية، لذا رأت القيادة السعودية أن العالم العربي أحوج ما يكون إلى التضامن بعد الانشقاقات الكثيرة التي صدعت شعوبه وقسمت سياساته وفرقت قياداته، بدءاً من الفترة الحالكة إبان غزو الكويت، وحتى سقوط بغداد واحتلالها. المملكة بهذا السعي، وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تحاول إعادة الاعتبار للشعوب العربية من خلال التركيز على الملف الأهم والأشمل، وهو الملف الاقتصادي وهو الذي يجب العمل عليه انطلاقاً من مصالح الشعوب وليس المغامرات الطارئة، وكأن المملكة تقول للجميع، إن رسالة السلام الأولى هي التي تحقق للمواطن الاستقرار والرخاء والاطمئنان على يومه وغده وعلى مستقبل أولاده وأحفاده. رسالة السلام السعودية تتوج رؤية ومصداقية وجهودا حثيثة ومتتالية شددت عليها المملكة قيادة وحكومة وشعباً، تنطلق من الوعي بحقيقة الزمان، واستراتيجية المكان، وأهمية الإنسان الذي هو في النهاية محور كل عمليات التنمية والنهضة والتطور.
