يجتمع يوم الثلاثاء القادم في مكة المكرمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد المشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
ويتعين أن يكون الاجتماع مفصلاً في مسيرة العمل الفلسطيني، خاصة بعد أن وصلت العلاقة بين الجانبين إلى درجة تهدد مستقبل القضية الفلسطينية برمتها. وليس أكبر من أن تهدر الدماء الفلسطينية بأيدي فلسطينيين، في وقت يواجه الفلسطينيون عدواً شرساً ومخادعاً ومسلحاً بتأييد أغلب البلدان في العالم وأكبرها.
وأي هدر في الطاقة الفلسطينية وأي تبديد للجهود الفلسطينية يمثل خسارة في الصمود الفلسطيني لأثمن ما يملك الفلسطينيون.
وليس مطلوباً من كل من عباس ومشعل إلا أن يتركا «الوصايا» الخارجية جانباً، وأن يستحضرا الوطن الفلسطيني الذي تقضم إسرائيل يومياً من أراضيه، وسيادته، وتاريخه. وان يتذكرا أن الصمود الفلسطيني لم يتحقق على طاولات التناظر والخطابات التلفزيونية، وإنما حقق الفلسطينيون صموداً رائعا ونموذجيا في وجه استراتيجية الإفناء الإسرائيلية، بالحجارة التي كان أطفال فلسطين يلقونها على جنود الاحتلال وبأرواحهم التي دفعوها ثمناً للأرض وأن تكون حية في أذهان الأحرار. كما أن عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين لم يذهبوا إلى سجون الاحتلال الإسرائيلي في نزهة، ولم تكن اقبية السجون وسياط الجلادين خياراً رفاهياً، ولكنهم دفعوا الضريبة كي يمهدوا للسياسيين الطريق لمواجهة إسرائيل واسترداد الأرض السليبة.
وكان من العجب ومن الفاجعة ومن العيب أن يخوض الفلسطينيون معارك دامية فيما بينهم، في وقت كان يتعين أن يتوحدوا ليخوضوا المعركة مع عدوهم التاريخي، وأن يواجهوا الحبائل الإسرائيلية بكافة السبل الدبلوماسية والعسكرية. فالمواجهات في شوارع غزة ليس هذا مكانها ولا زمانها ولا مهمتها. بينما تؤجل المواجهة مع إسرائيل حتى إشعار آخر.
وهذه المعارك وهذا التصادم بين الفصائل الفلسطينية يؤدي إلى تبديد الدعم العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، مثلما فتر حماس التأييد بعد أن رد المقاتلون السلاح إلى صدروهم.
ويتعين أن يأخذ الزعيمان من التاريخ الفلسطيني مثلاً، فالصدامات الفلسطينية الفلسطينية، والتدخلات الخارجية قد جعلت طريق التحرير صعباً وزرعت جبالا من العقبات والعقد في مسيرة العمل الفلسطيني.
وسوف ينجح اجتماع مكة المكرمة وسوف يخرج عباس ومشعل بانتصار تاريخي، فقط، حينما يخلصان للقضية الفلسطينية، وللقضية الفلسطينية وحدها، وحينما يستجيبون لأماني مواطنيهم الذين تنهمر عليهم المصائب من كل اتجاه مثلما ينهمر الرصاص الإسرائيلي على أجسادهم ومنازلهم وفرش أطفالهم.