أخبار متعلقة
لم يكن لرحيل الفنان الشعبي الكبير سلامة العبد الله أثره الحزين على أبنائه وأقاربه، بل أمتد خيط الحزن إلى قلوب الكثير من الناس خصوصاً من عرفوا هذا الفنان بفنه الأصيل وقلبه البسيط الذي لم يتوقف عن نبض الحب إلا بتوقفه عن نبضات الحياة للأبد. فقد أقيمت صلاة الميت على المرحوم بجامع الإمام تركي وتقدم المصلين أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي أمر بإقامة الصلاة في جامع الإمام تركي بن عبد الله بدلاً من مكانها السابق في جامع عتيقة وذلك لما يكنه سموه لهذا الفنان من حب شخصي وتقدير ولمعرفته التامة بأن المرحوم سلامة العبد الله سرق القلوب التي ستتجه دون أدنى شك إلى مشاركة الواجب في الصلاة على الميت وتقديم العزاء.
وكان لمنزل الفنان سلامة العبد الله حزناً من نوع آخر، فهناك كان يعيش بحياته الشعبية مع أبنائه بعد أن فقد زوجته وبعض أقاربه الذين سرقهم الموت في ظروف مختلفة. لم يتحمل الفنان سلامة العبد الله صدمات الحياة التي لم ترحمه فأصيب بجلطة في قلبه، جعلته يبتعد عن جمهوره ويعلن الاعتزال. استقبل هذا المنزل الصغير الحشد الكبير من المعزين الذين جاءوا ليخففوا من مصاب (عبد الله وعبد الرحمن وصالح) أبناء المرحوم، فكان المنزل مليء بالمحبين وصوت البكاء يتجول بين الجدران يبحث عن سلامة الإنسان.
(اليوم) لم تتوان في مشاركة الجميع الحزن، وقامت بزيارة عائلة سلامه العبد الله في منزله (بحي العليا) حيث قدمت واجب العزاء والدعاء له، فكان أبناؤه في استقبالنا وفتحوا لنا قلوبهم قبل أبواب منزل والدهم، لم تستطع العيون حبس دموعها فالموقف كان جرحه أعمق، والوجوه كانت تكتسيها أوشحة الحزن بلونها الأسود.
تحدث لنا عبد الله (الابن الأوسط للمرحوم) فقال: والدي تألم كثيراً في آخر حياته وكان يكتم ذلك عنّا حتى لا نتأثر أو ننشغل معه. وبرغم الأوجاع إلا أن قلبه حساس ورقيق لدرجة لا تتصورها. (ثم نزلت دموع عبد الله ولم يستطع أن يكمل حديثه).
حياته الفنية
بدأ الفنان سلامة العبد الله مشواره التاريخي في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات حيث تغنى بكلمات العديد من الشعراء مثل الشاعر احمد الشائع في أغنية (البارحة يوم العباد رقود) وأغنية (هلّ دمعي على خدي)، والشاعر محمد بن هذال الدوسري في أغنية (أسهر الليل وأعد النجوم) وأغنية (يا بو العيون الكحيلة)، كذلك مع الشعراء خلف بن هذال العتيبي وراشد بن جعيثن. وتبقى أغنية (يا علي) هي الأغنية الأكثر شعبية وشهرة لسلامة العبد الله كذلك أغنية (أرسلت لك يا عزوتي كم مرسول).
وقد قام سلامة العبد الله في بداية حياته الفنية بإنشاء شركة فنية بالقاهرة أسماها (هتاف) وذلك لإعادة إنتاج أغانيه وتطوير عمله الفني بشكل أفضل لينتج أول اسطوانة غنائية له في نهاية الثمانينات 1418 هـ من خلال حفل لمنطقة حائل أقامه الأهالي آنذاك احتفالاً بزيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز لهم.
شارك سلامة العبد الله في مهرجان الدوحة الغنائي عام 2000م لتكون تلك بمثابة البصمة الأخيرة لفنان كبير لم ينساه التاريخ. بعدها عاد سلامه من جديد لجمهوره عبر المهرجان نفسه في العام الماضي ولكن هذه المرة لم يغن، بل حضر مكرماً معززاً حيث قامت اللجنة المنظمة لمهرجان الدوحة الغنائي بتكريم هذا الفنان وذلك تقديراً لمسيرته الكبيرة التي تحكي حياة شعبية بسيطة تحمل الكثير من الأحاسيس المتدفقة والمشاعر القريبة للقلوب. لم يعترف الفنان سلامة العبد الله بأنه شاعر برغم كتابته للشعر وغنائه للعديد من الكلمات التي نطق بها قلبه أمثال أغنية (يا لطيف الروح)، (يا مسافرين للكويت)، (وداعة الله)، (ألا يا قمري)، إلا أنه يعتبر تلك الكلمات قصائد خاصة جداً ولا يتغنى بها سوى مع نفسه برغم انتشارها بين عامة الناس.
مقتطفات
- حضر العديد من الأمراء والمسئولين مراسم دفن الجنازة.
- لم يتلق أبناء المرحوم اتصالات من الوسط الفني سوى من الفنان محمد عبده وعبد المجيد عبد الله ورابح صقر ليبقى الكبير كبير في كل شيء.
- غاب الكثير من زملاء الفنان سلامة العبد الله في الوسط الفني عن تقديم واجب العزاء.
- أعتذر كل من عبد الله وعبد الرحمن أبناء المرحوم سلامة عن التصوير والظهور لكاميرات الإعلام برغم الاستقبال الكبير الذي تلقيناه من قبلهم.
- يعتبر عمر سلامة العبد الله الفني (41) عاماً كانت مليئة بالإبداع والحب والوفاء.
- له من الأبناء ثلاثة (صالح وعبد الله وعبد الرحمن) وبنت واحده.
ســلامة العبـدالله الإنســان الفنــان
ولد سلامة عبد الله الشمري في شمال المملكة بمدينة حائل من عام 1367هـ حيث عاش يتيماً في طفولته وملامح الحزن تتشكل على وجهه منذ بداية حياته فتوفي والده وهو في السنة الرابعة من عمره لتتولى عمته مهام تربيته منذ ذلك الوقت. انتقل سلامة العبد الله إلى مكة المكرمة مع عمته ليتلقى تعليمه هناك، ثم غادر معها إلى الطائف ليترك دراسته ويلتحق بالعمل المهني عبر شركة بن لادن وهو في السنة الثالثة عشرة.
إلا أن حب سلامه العبد الله وشغفه بالفن والطرب الأصيل جعله يتعلم آلة (السمسمية) كأول آلة يعزف عليها ثم أتقن آلة (العود) ليصبح بعد ذلك عازفاً يهوى له كل مستمع. توجه إلى الرياض مغادراً مدينة الطائف لزيارة والدته التي كانت تعيش مع زوجها وليقترب كذلك من أهل الفن الكبار أمثال بشير حمد شنان وفهد بن سعيد وغيرهم من عمالقة الفن الشعبي في ذلك الوقت، ومن هنا كانت انطلاقة الفنان سلامة العبد الله الفعلية.
في مشاركته الأخيرة في الدوحة
الزميل الدويحي يقدم واجب العزاء