DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

سماحة خلال تقديمه لورقته

سماحة يقدم رؤية شاملة عن (المكان في روايات نجيب محفوظ)

سماحة خلال تقديمه لورقته
أخبار متعلقة
 
على قدر ما أثارت الأمسية التي أقامها منتدى نبيل محيش الثقافي بالأحساء الأربعاء الماضي عن المكان عند نجيب محفوظ الأسئلة على قدر ما كانت وافية وقدمت رؤية شاملة عن موضوع المحاضرة، إذ قدم الناقد الزميل أحمد سماحة ورقة عن (المكان في روايات نجيب محفوظ - رواية ميرامار مثالاً)، قدم فيها قراءة وافية لاحتفاء نجيب محفوظ بالمكان، وقدرته الفائقة على رسم الشخصيات وتفاعلاتهم من خلال رؤيته للمكان. ورسم سماحة واقع الشخصيات كما يراها محفوظ من خلال موقعهم من المكان (البانسيون- الإسكندرية) وفرق بين المكان الصغير والذي يأتي ضمن المكان الكبير - المدينة - الإسكندرية. ورؤيته من الداخل والخارج.. حاول سماحة من خلال هذه الورقة أن يجوس داخل خبايا الشخصيات ورصد تصرفاتهم، وكل ما يقومون به بناء على وجودهم داخل البانسيون، وفرق أيضاً بين وجودهم داخل الغرف أو في الممر، مؤكداً أنهم كانوا يتكشفون لبعضهم البعض من خلال وجودهم بالخارج، بينما هم في الداخل عالم مستقل يختلف كلياً عما هو في الخارج. وقد أفلح في ذلك مما دفع الناقد ربيع عبدالعزيز يشيد بهذه القدرة الفائقة على تقصي كل صغيرة وكبيرة في ورقته. وقال سماحة في بداية ورفته: في روايات محفوظ يمثل المكان حلما هروبيا، ويمثل أحيانا أخرى علاقة جدلية، ويمثل أيضا حيزا يضغط على الجسد الإنساني، وهو في جميع الأحوال ـ المكان التراجيدي (ان صحت التسمية) إذ انه كثيرا ما يمثل الشرك الذي تقع فيه الشخصية الروائية كرها أو بمحض إرادتها. ويتابع قائلاً: المكان عند نجيب محفوظ لا يتعدى كثيرا حيز المدينة (القاهرة ـ الإسكندرية) أو حيز الحي (جزء من المدينة) أو الشارع او المنزل أو الغرفة (بتسمياتها المختلفة) وجميعها تمثل حدود العالم الحسي الذي تعيشه الشخصية كواقع ـ وان تعدته إلى ابعد من ذلك في أحلام يقظتها انه في جميع الأحوال ليس مكانا متسعا (بالقياس إلى العالم الواسع ولكنه مختار بعناية ودقة إذ إن اختيار المكان وتهيئته جزء من بناء الشخصية في أعمال نجيب محفوظ. وهو الأمر الذي دفع بعدد من المداخلات للسؤال عن السر الذي دفع محفوظ لعدم الكتابة عن أي مكان آخر غير القاهرة والاسكندرية والمدن المصرية ولم يكتب مثلاً عن فلسطين أو غيرها من القضايا العربية، وهو السؤال الذي أجاب عنه سماحة نفسه وعدد من الحضور، من أن كثيرا من الكتاب كانوا عالميين دون أن يخرجوا من قراهم أو مدنهم مثل جابريل ماركيز الذي لم يخرج يوماً عن مومساته وأبطاله الخارقين داخل بلده كولومبيا. وقال سماحة: لم يلجأ محفوظ إلى المكان المتسع، كثيرا ففي المكان المتسع يضيع الإنسان ويصبح بلا هوية يتلاشى كيانه، كما تتماهى أيضا أبعاد هذا المكان ولا يحيط بها الروائي فتنفلت الشخصية والمكان من حيز الرؤية والوصف المتقن الى حيز التهويم والتعميم.. ان لدى محفوظ حالتين مميزتين لمكان الفعل: الحالة الأولى وهي الحالة القارة ـ كما يطلق عليها الشكلانيون ـ عندما يجتمع كل الأبطال في نفس المكان (كما في ميرامار، والعوامة ـ والمقهى، وهي أماكن تتيح إمكانية لقاءات غير متوقعة ولكنها كثيرة الورود) والحالة الأخرى هي الحالة الحركية عندما يبدل الأبطال المكان للتوصل الى لقاءات او التحرر من العجز.. في الحالة الأولى توضع الشخصيات في مواجهة بعضها.. وفي الحالة الثانية ترتبط الحركة بالتحول في الشخصية. وتحدث سماحة عن شخصيات الرواية كل واحد على حدة وكيف انتقلوا إلى البانسيون مفصلاً بذلك مشاكلهم التي كانوا يعانون منها في بلدانهم، وقال: لقد اختار الروائي بناءه الفوقي للمكان (الإسكندرية لحركة الشخصيات ذهابا وإيابا واستقرارا لتجسد الخلفية التي ستقع فيها أحداث الرواية، اختارها بالتحديد لان كل شخصية تحمل في داخلها ذكرياتها الخاصة بهذا المكان والتي غالبا ما كانت الود والراحة، فهنا البحر رمز التطهر والخلاص. (الإسكندرية قطر الندى، نفثه السحابة البيضاء، مهبط الشعاع المغسول بماء السماء وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع) هكذا قال عنها عامر وجدي وقال عنها أيضا الآخرون كل حسب ذكرياته وثقافته وعلاقته بها. مؤكداً حيادية المكان إذ يعتقد أنها المكان المحايد الذي يجمع كل هذه الشخصيات المتناقضة والمتصارعة لتتكاشف دون خوف ولتنتقل في محاولة للبحث عن الذات أو الأمان أو الاستقرار انها هنا الداخل الذي يحمي ويحنو مقابل الخارج الذي قسا ولفظ أنها ليست الخارج مطبخ السياسة وحركة الأحداث ونشاط السلطة (القاهرة) وليست الخارج المنتشي بربقه التحرر من الإقطاع والساكن الملتقى بلا فاعلية (الأماكن الآخر). وعن وصف المكان يقول سماحة: يستخدم (محفوظ) في تجسيد المكان الذي سيضع في إطاره شخصيات (ميرامار) أسلوب الوصف وهذا الأسلوب استخدم كثيرا بواسطة روائيي القرن التاسع عشر وما زال يستخدم حتى الآن بأشكاله المختلفة وقد شمل هذا الوصف الأماكن التي أدرجها محفوظ في ميرامار وهي/ المدينة (الإسكندرية)/ الشوارع/ العمارة/ البنسيون/ المقهى/ الملهى/ الطرق/ البحر. مشيراً إلى أن هذه الأماكن التي ذكرها حقيقية يتحرك فوقها وخلالها عدد من الشخصيات. ـ البحيرة (محافظة مصرية). وقبل أن يختتم سماحة ورقته أشار إلى نواح كثيرة يمكن الرجوع إليها للاستزادة مثل بحث (لسيزا قاسم بناء الرواية) وقال: يتمثل بعضها في الاستقصاء والانتقاء وعموما فان دراسة المكان عند محفوظ تستلزم جهدا كبيرا ووقتا أطول. وتساءل عبدالله المقهوي في بداية المداخلات: هل تركيز محفوظ على الداخل جاء بعد النكسة؟ وتساءل الدكتور سليمان البوطي عن علاقة الشخصيات بالمكان الحقيقي والوهمي؟ أما الدكتور ربيع عبدالعزيز الذي أشاد بالورقة فقال: إن ما قدم من لقطات يعكس حساً نقدياً لدى مقدم الورقة، وقال: فيما يتصل بالثنائيات فقد لاحظت أن هناك ثنائية أغفلتها الورقة وهي ثنائية الأصل والوافد بين شخوص الرواية الذين نزحوا عن قراهم الأصلية وجاءوا للاسكندرية. وخالف عبدالعزيز ما ذكره سماحة من أن الشخصيات أسرى للمكان، إذ يرى أنهم اختاروا البنسيون بإرادتهم هرباً من ظروفهم بعد أحداث الثورة. وتساءل الدكتور نبيل محيش: هل ترى في المكان (ميرامار) رمزاً؟ وفي رده على تساؤلات الحضور أجاب سماحة على تساؤلات الحضور فقال: إن نجيب محفوظ ركز دائماً على الداخل مصر، ولم يكتب رواية خارجية. هذا المكان خبره جيداً وفي رده عن علاقة الشخصية بالمكان الوهمي والحقيقي قال: كل شخصية جاءت هاربة، فعندما تحاصرني نار فإنني أرمي بنفسي من أعلى لأنقذ نفسي من هذه النار، وهكذا هم شخصيات ميرامار. وأكد سماحة في رده على الدكتور ربيع عبدالعزيز أن كل الشخصيات كانت لهم علاقة سابقة بميرامار ومارينا صاحبة البنسيون وهي تمثل الأجنبي، بقدر ما بين الثورة والأجنبي من عداء، هناك ألفة بين الشخصيات، ومريانا التي تمثل الأجنبي ومع ذلك فالمكان حيادي.