من أهم الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية الحديثة، منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ هي تلك السياسة التي تربط الحاكم بالمحكوم، وتجعل جميع الأبواب مشرعة أمام المواطن، للقاء حاكمه وقائده في أي وقت، ليس هذا فقط، بل تلك الصفة التي تميزت بها قياداتنا من اقتراب من الشعب لأقصى درجة، والتعرف المباشر على هموم المواطن وتطلعاته.
وهنا، لم نستغرب ما أرساه خادم الحرمين الشريفين من نموذج عملي لهذه السياسة، حينما كان ولياً للعهد، حيث نزل بنفسه إلى الشارع، وتفقد أحوال بعض الأسر الفقيرة، ووقف على حالها دون وسيط، أو مكتوب، ليضرب بذلك أروع قدوة للمسؤولية التي تحس بنبض شعبها، وتشاركه حياته وآلامه وهمومه وأحلامه..
دشن المليك بذلك، وفيما بعد عندما حمل الأمانة، السلوك القيادي، قولاً وعملاً، وصدق مع ذاته ومع شعبه، حينما جعل من المواطن الهم الأول، والشريك الأول، في الاهتمام، كما في التنمية، وكانت جميع قراراته تتوجه لهذه الشريحة العريضة من أبنائه وإخوانه المواطنين، وكلنا لا نزال نذكر كلماته التي استمدت العون من الله أولاً ثم من الشعب، لتنهال بعدها قرارات الخير لتصبح لبنات في أروع منظومة اجتماعية استهدفت الحرص على الواقع المعيشي للمواطن، وتسخير عناصر الثروة الوطنية لتخدم في المقام الأول كل المواطنين، في كافة المناطق والمحافظات والقرى والهجر.. وتوالت زياراته لكل المناطق، يبني فيها الأسس الداعمة والمتينة لحياة مستقبلية زاهرة وعامرة بالخير والنماء.
وعندما دعا المليك أمراء المناطق بالأمس، للاهتمام بالمواطنين، قال مقولته الشهيرة «عليكم بمتابعة أحوال المواطنين وتلمس احتياجاتهم» فإنه بذلك كان يرسخ القناعة التي بنيت عليها بلادنا منذ تأسيسها، ويؤرخ لمسيرة حميمية تربط القائد بشعبه، وتربط الأمير بمواطنيه، وتربط المسؤول بالمراجع.
القائد الرمز بذلك القول، سبقه بالفعل، وسبق كل الأقوال بشواهد عملية رأيناها ولمسناها وعايشناها، ليضيف إلى رصيده الشخصي رصيدا آخر يضاف بكل فخر إلى مليك القلوب.