تعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة من الظواهر الشائعة وقد تطرق لها الكثير من الكتاب والمهتمين بقضايا المرأة ، وهي ظاهرة تحط من كرامة المرأة ، وتلحق بها الأذى النفسي والجسدي معاً . وغالباً ما تؤدي إلى تفسخ العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة ، وتترك آثاراً نفسيةً بالغة على الأطفال فالطفلة التي تشاهد والدها يضرب والدتها قد تتعلم الخنوع ، ولن ترفض أن يضربها زوجها مستقبلا ، والطفل الذي يشاهد والده يضرب والدته سينمو لديه الجانب العدواني ضد المرأة وسيضرب زوجته بدوره عندما يصبح بالغا .
إن هذا الشكل المتوارث للعنف بين الأجيال ، لا يؤكد مكانة المرأة الدونية فقط ، لكنه يلغي إمكانية تطور المجتمع نحو صيغ أكثر صحة وتعميمها على فئات المجتمع وقطاعاته المختلفة ، طالما أن الأسرة هي النواة الأساسية في بناء المجتمع ، وهي التي تصدر العنف وتبقي على العلاقات القائمة على اسس تفتقر للمساواة بين أفرادها .
من وجهة نظري ان سبب هذه الظاهرة في وقتنا الحاضر يعود إلى تطور وضع المرأة في بعض النواحي ، كإقدام النساء على التعليم والعمل ، في الوقت الذي بقيت هناك مفاهيم تقليدية لم ترق إلى هذا المستوى من التطور الذي حققته المرأة ، فمازال المجتمع ، والرجل تحديداً ، ينظر للمرأة نظرة تقليدية قديمة ، ويرفض الاعتراف بأن التعليم والعمل وإسهامها في الانفاق على الأسرة حقق لها شيئاً من الاعتداد بالنفس ، وبالتالي الاستقلالية في اتخاذ القرارات ،
ولأن المرأة هي الأم والأخت والزوجة والبنت فإنني وعبر - جريدة اليوم - آمل من أصحاب القرار في كل من الجهات الحكومية التالية (وزارة الداخلية ــ مجلس الشورى ـــ هيئة حقوق الإنسان ـ وزارة العدل ــ وزارة الشئون الاجتماعية ــ وزارة الثقافة والإعلام ـ ــ وزارة التربية والتعليم ــ وزارة التعليم العالي) كل فيما يخصه الحفاظ على كرامة المرأة السعودية وحمايتها من العنف وذلك من خلال :
- إفساح المجال أمام المرأة للالتحاق بسلك الأمن العام والمحاماة ، من أجل الدفاع عن النساء ، ورفع العنف والظلم الاجتماعي الذي يلحق بهن ، وبخاصة في قضايا العنف منعاً للإحراج الذي قد يمنع النساء من الإبلاغ عنه .
- العمل على وضع قانون للخدمة الاجتماعية ، بحيث تنتشر مكاتب الخدمة الاجتماعية في الأحياء والتجمعات السكانية داخل المدن وخارجها .
- العمل على إنشاء مراكز لحماية المرأة التي تتعرض للعنف ، بحيث تحتوي هذه المراكز على * عيادات نفسية لتخفيف وعلاج الآثار النفسية التي تنجم عند تعرض المرأة للعنف .
* إنشاء أماكن يمكن أن تستقبل المرأة عندما يتعذر عليها البقاء مع أسرتها فيما إذا تعرضت للخطر ، أو لمزيد من أعمال العنف ، بهدف تقديم العلاج اللازم لها .
* العمل على إعداد كادر نسائي سعودي مؤهل يشرف على كل هذه المراكز .
- وضع قوانين تنظيمية تعطي أحكاما ً تأديبية على مرتكبي العنف ضد النساء .
- القيام بحملة إعلامية تبرز الدور الإيجابي للمرأة داخل الأسرة وفي المجتمع من أجل التأثير على الرأي العام في المجتمع السعودي بما يؤكد دور المرأة ، وذلك من خلال :
* تدريس مادة ( حقوق الإنسان ) في المدارس والمعاهد والجامعات والتأكيد خلال هذا الموضوع على مبدأ المساواة بين أبناء المجتمع كافة ، وتحديدا بين المرأة والرجل .
* إعداد برامج تلفزيونية تؤكد مكانة المرأة في المجتمع ، وتبرز مدى الضرر الذي يلحق بالمرأة والأطفال وبالرجل نفسه إذا تعرضت المرأة لأي شكل من أشكال العنف .
* وضع آليات وبرامج للحيلولة دون عدم تطبيق القوانين التي تحمي المرأة في المجتمع .
[email protected]