يلعب التعليم وما يلحق به من تدريب بمراحله الثلاث (التأهيل المهني والوظيفي والتدريب أثناء الخدمة) دوراً هاماً بالنسبة للمنشآت، سواء كانت حكومية أو خاصة نظراً لما تتركه العمليات التعليمية والتدريبية من آثار سلوكية تهدف إلى تحسين اداء العاملين في هذه المنشآت وبالتالي تحسين نوعية الخدمة التي تقدمها وتزداد أهمية التدريب بالنسبة للعمالة الفنية اذ على هذه العمالة ان تكون على علم ودراية بأحدث المستجدات والتطورات في مجالات عملها،
وتولى المنظمات سواء كانت الحكومية او الخاصة أهمية خاصة لعملية التدريب بعد التعليم وان كانت هذه الأهمية تتفاوت من مؤسسة لأخرى، فعلى سبيل المثال يزيد الاهتمام بعملية التدريب في المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي عنه في المؤسسات ذات الطابع الخدمي والمجاني فالشركات الصناعية يهمها أن تكون منتوجاتها ذات جودة عالية ومطابقة لأحدث المواصفات حتى تستطيع المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، وعليه فانها تهتم بتدريب العاملين لديها على احدث اساليب وتقنية الانتاج وصولا إلى تلك الجودة العالية، ولا تبخل بالصرف على ذلك سواء كان بتوفير المدربين ذوي الخبرة أو الأجهزة والمعدات اللازمة للتدريب، وتعتبر هذه الشركات الصناعية ان الصرف على التدريب مثله مثل الصرف على أي من مدخلات الانتاج الأخرى ويمكن استرداده من المستهلك لمنتوجاتها في نهاية المطاف، أضف إلى ذلك انه وفي بعض الشركات الصناعية قد تتطلب اجراءات الأمن والسلامة تدريب العاملين على التعامل السليم مع المواد والاجهزة والمعدات منعا للمخاطر والخسارة، أما في المؤسسات التي تقدم خدماتها مجاناً للجمهور فان الصرف على التدريب يعتبر عبئا اضافياً عليها فوق ما تتحمله أصلاً من نفقات لتقديم هذه الخدمات.
وبامكان مؤسسات التدريب ان تخطو خطوات فعالة في هذا المجال فالتعليم التعاوني على سبيل المثال بجانب اهدافه التقليدية من مساعدة الطالب في تطبيق ما تعلمه نظريا وتطبيقيا على الواقع العملي وتهيئته نفسيا ووجدانيا لمواقع العمل المستقبلي وإعطائه الفرصة لعرض مهاراته المكتسبة لاصحاب العمل بالامكان ان تضيف هذه المؤسسات بعدا وظيفيا على ما ذكرناه من ابعاد وهو التوظيف لتقوم هذه المؤسسات بتوجيه خطة التدريب التعاوني باتجاه متطلبات الجهة الطالبة في حالة موافقة هذه الجهة على توظيف الطالب المتدرب والسبب في ذلك ان الدراسات اثبتت ان بعض المعينين الجدد من خريجي المؤسسات التعليمية يعانون من مشاكل عدة عند التحاقهم بالوظيفة اذا تختلف الاجهزة وحداثتها وكذلك الموقع وقد يحدث بعض اللبس في عملية التخصصات وإسناد المهام الى الخريجين الجدد في تخصصات غير تخصصاتهم مما يوهم المسئولين بأن مخرجات التعليم لهذا الخريج لا تتفق مع متطلباتهم ويذكر في هذا الصدد بعض المهتمين بأن من المشكلات التي تواجه العمالة الوطنية الفنية إتقان العمل ومنها اختلاف الأجهزة والآلات واختلاف المناهج عن الواقع وعدم توزيع العمل حسب التخصصات وعدم توجيه الموظف الجديد التوجيه السليم ولكن تتلاشى هذه المشاكل عند تطبيق التدريب التعاوني.
وأما كيف يساعد التدريب التعاوني على تلاشي مثل هذه المشاكل فتقوم الجهات الطالبة باختيار العدد المطلوب من المتوقع تخرجهم تمهيدا لتوظيفهم حيث يتم تدريب هؤلاء تعاونيا مع هذه الجهات وتوضع خطة مشتركة بين الوحدة التعليمية والجهة الطالبة توجه فيها هذه الخطة التدريبية بما يتناسب مع احتياجات الجهة الطالبة وفي نفس الوقت لا تتعارض مع الخطط الدراسية للمؤسسة فبذلك يكون هذا الطالب عمل على نفس متطلبات الوظيفة التي ستسند اليه.
وبالرغم من ان التعليم يأخذ الطابع التطبيقي في بعض المؤسسات التعليمية الا انه ينبغي الحرص على توطيد اواصر التعاون مع القطاع الصناعي الخارجي ليقوم الطلبة بدراسة الجزء الميداني من بعض المقررات خارج المؤسسة التعليمية ولو ان الجهة الطالبة والتي ترغب في توظيف بعض الخريجين تعمل على التنسيق مع المؤسسة التعليمية بأن يتم تدريب الطلاب ميدانيا في مواقعها فبذلك يكون الطالب قد كون فكرة عن الميدان الذي سيعمل فيه وعلى اية حال حتى وان لم تتم عملية التوظيف في ذات الجهة فالطالب مقرر عليه في الخطة الدراسية ان يدرس الجانب الميداني لبعض المقررات الدراسية سواء كان ذلك في المؤسسة التعليمية التطبيقية او في مواقع العمل الفعلية المستقبلية. ومن المفترض بقوة ان تقوم بعض المؤسسات التعليمية بدراسة نظام التعلم الثنائي اذ تقوم الجهة الطالبة بتبني عدد من الطلاب ليصبحوا بذلك طلابا متدربين وتقوم الجهة الطالبة بتوقيع عقود توظيف مع بعض الطلبة ليعينوا بعد التخرج بها وتقوم المؤسسة التعليمية بعمل برنامج دراسي موجه لاحتياجات الجهة الطالبة ويتم ذلك من خلال لجنة تنسيقية بين الطرفين وبآلية معينة لا اعتقد ان المجال يتسع لذكرها لانها بحاجة الى ورقة عمل مخصصة بحد ذاتها.
ولماذا تغيب عن معظم مؤسساتنا التعليمية مفهوم الانتظام الجزئي للدراسة وهو ذلك النوع من التعليم او حتى بإمكاننا ان نطلق عليه نوعا من انواع التدريب أثناء الخدمة هذا النوع من الدراسة قد يساعد العمالة الوطنية الفنية ان تنمي قدراتها وتطور من ادائها من خلال الدراسة بهذا النظام اذ من مميزات هذا النظام انه يساعد من هو على رأس العمل اثناء الخدمة بان يلم بكل ما هو جديد في مجال عمله من خلال الدراسة الموجهة للحصول على مؤهل اعلى كما يطور اداءه وينمي مهاراته العملية مما يساعد على تحسين كفاءته العلمية والعملية.
واخيرا الحلقة المفقودة في عمليات التعليم والتدريب والتوظيف هي التأهيل المهني وهي الفترة التي تعقب فترة التخرج وتبنى على احتياجات الوظيفة التي ستسند اليه هذا المفهوم قد يساعد كثيرا في توظيف العمالة الفنية الوطنية وكذلك يساعد على تلبية الاحتياجات الوظيفية لمؤسسات سوق العمل.
[email protected]