أخبار متعلقة
في المملكة يستتبع اسلوب الحياة ونمط الاستهلاك انتاجا عاليا جدا للنفايات المنزلية تلقى بدون فرز او تصنيف كما هو الحال في الكثير من الدول المتقدمة, وهو ما يعقد عمليات اعادة التدوير - لكن ذلك لم يمنع من السير في اتجاه اعادة تصنيع النفايات, حيث توصف المملكة بانها من اكثر دول العالم انتاجا للنفايات بالمقارنة مع عدد السكان البالغ 20 مليون نسمة بحسب اخر الاحصائيات.
وتحدد الدراسات والابحاث 8 اصناف من النفايات القابلة لاعادة التدوير وهي:
- المواد العضوية: توجد اربعة مصانع رئيسية تنتج نحو 154 الف طن من السماد العضوي المستخرج من عمليات تدوير النفايات العضوية, ويعمل حاليا على انشاء 22 مصنعا سوف تبلغ طاقتها حوالي مليون طن استجابة للفرص المتاحة والتي تتضمن الحصول على المواد الخام بمبالغ رمزية, وتشكل المواد العضوية نسبة كبيرة من النفايات وتتمثل بشكل رئيسي في بقايا مواد الطعام والمواد الغذائية ونفايات الحرائق.
- الورق والكرتون: وتحتوي النفايات المنزلية على كمية كبيرة من الاوراق في شكل جرائد ومجلات وكتب واوراق واكياس كرتون, وتقوم مصانع تدوير الورق الموجودة باعادة تصنيع الواح الكرتون وبعض المواد العازلة في المباني ومواد الديكور ويتم تصدير كميات من الورق المنتج الى الخارج.
- الزجاج: وتبلغ نسبة الزجاج من النفايات المنزلية ما يقارب 3 بالمائة وهي على شكل عبوات لمواد غذائية ومشروبات وادوات منزلية او غير ذلك, ويكن الاستفادة من الزجاج المرتجع في اعادة تشكيله لصنع منتجات زجاجية اقل جودة.
- الحديد: يوجد في المملكة ما يزيد على 20 مصنعا مرخصا للحديد تستخدم الحديد الخردة كمادة خام كما يتم تصدير قسم من حديد الخردة الى الخارج تبلغ 4000 طن سنويا.
وهناك نفايات من الالمنيوم والبلاستيك والخشب والرصاص يتم اعادة تدويرها في المصانع المخصصة لكل مادة.
التزايد اللافت للنفايات
ويشير عدد من المهتمين بموضوع تدوير النفايات واعادة تشكيلها وجماعات الحفاظ على البيئة الى ان التزايد السكاني وارتفاع مستوى المعيشة والتقدم الزراعي والصناعي ادى الى زيادة كبيرة في كمية النفايات وبالتالي زيادة التلوث البيئي للوسط المحيط.
وقد ازداد التلوث مع تزايد الطلب على المواد الاولية لتلبية النشاطات الصناعية والاستهلاكية فزادت الضغوط على البيئة وادت الى استنزاف الموارد الطبيعية لاغلب مناطق العالم, وكلما ازداد دخل الفرد كما زادت متطلبات رفاهيته وتوسعت متطلباته الاستهلاكية وتزايدت معها النفايات التي ينتجها يوميا, فالمواد الخام التي تدخل في الدورة الاقتصادية والانتاجية تنتهي الى نفايات.
وطبقا لما جاء في دراسة اعدها معهد البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن فان الورق والكرتون يشكلان اكبر مكونات النفايات والقمامة في الدول الصناعية حيث تصل نسبة وزنها من 15 الى 40 بالمائة كما ان هناك انواعا اخرى من القمامة تتزايد بسرعة كبيرة كالالمنيوم والبلاستيك وتحتوي النفايات على مواد وعناصر خطرة على الصحة العامة كالرصاص والزئبق وثاني اكسيد المنجنيز والكاديوم والمركبات والمذيبات العضوية وهذه المواد تشكل خطرا كبيرا على البيئة.
وتشير دراسة اخرى قامت بها الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية الى ان كمية ونوعية النفايات تتفاوت من بلد الى اخر حسب الحالة الاقتصادية والمستوى السلوكي والاجتماعي والثقافي للسكان, فالفرد في امريكا ينتج 660 كيلو جراما من النفايات سنويا وهذا ضعف ما سينتجه الفرد في اوروبا واليابان, وتزداد الهوة ما بين الدول الغنية والفقيرة فالفرد من سكان مدينة نيويورك يلقي من النفايات اكثر من ثلاثة اضعاف الفرد في مانيلا وبومباي, وفي دول الخليج العربي يقدر معدل ما ينتج الفرد من النفايات, بحدود 1.5 الى 2 كيلو جرام يوميا.. وبصورة عامة يكون محتوى النفايات في منطقة الخليج كنسبة مئوية وزنا كالاتي: المواد العضوية 25 بالمائة, الورق والكرتون 28 بالمائة, المعادن 12 بالمائة, الزجاج 5 بالمائة, مواد اخرى 6 بالمائة.
الجمع والمعالجة
وتضيف تعد عملية جمع النفايات الصلبة بانواعها اولى الخطوات في ادارة النفايات الصلبة للتخلص منها تليها عملية النقل التي تعد حلقة الوصل بين الجمع والمعالجة والتي يجب ان تتم بطرق تضمن الحفاظ على البيئة وسلامتها.. والعديد من الصناعات اليوم يقوم على استثمار المواد المتخلفة عن عمليات التصنيع التي تحتوي على العديد من المواد التي يمكن الاستفادة منها في صناعات اخرى, ولهذا انشئت في كثير من الدول الصناعية اسواق خاصة للمتاجرة بالنفايات وتقوم المصانع في هذه الدول بتزويد بنوك المعلومات بقوائم وبيانات عن نوعية وكمية المواد المراد التخلص منها وتقوم المصانع باعادة الاستفادة من المواد عندما تكون تكلفة اعادة الاستخدام لتلك المخلفات مربحة ولكن نظرا للاهمية الاستراتيجية البيئية لعملية اعادة استخدام المخلفات فان سن القوانين والدعم الحكومي يكون دورا مهما في تطوير الاتجاهات نحو نمو وتطوير صناعة تدوير هذه النفايات.
استثمار مربح
ولقد لجأت العديد من الدول الى اتباع اسلوب اعادة التدوير كجزء من اعادة التدوير كجزء من ادارة النفايات فاليابان تحرق 40 بالمائة من النفايات وتعيد تدوير 40 بالمائة من النفايات, وتدفن الباقي لكن عملية اعادة التدوير وحدها لا تستطيع المحافظة على البيئة, كما ان الاستخدام الامثل للنفايات ليس افضل خيار ممكن لادارتها ولكن تضامن وتكامل جهود الخفض من المنبع واعادة الاستعمال المباشر واعادة الدوران, يمكن ان يؤدي الى خفض الحاجة الى «المرادم» لدفن النفايات والقمامة لادنى حد ممكن فاكثر من نصف ما يوجد بالنفايات يمكن ان يعاد استغلاله على نحو مربح.
فوائد التدوير لاحد لها
يؤكد عبدالله حمد العمار رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات وعضو مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية ان مشكلة النفايات الصناعية من اهم واخطر القضايا التي تشغل بال المسئولين السياسيين والاقتصاديين والمهتمين بالبيئة لما تمثله النفايات من مخاطر حقيقية على البيئة والانسان.. لقد برزت هذه القضية بخطورتها مع التطور المتزايد للتصنيع وبعدما اصبح تراكم هذه النفايات والتخلص منها بالطرق البدائية يمثل خطرا جسيما للاجواء المحيطة والتربة والطبقات الارضية بما تحويه من مياه جوفية, وظهرت مشاكل بيئية جديدة وتضمنت مشاكل اخرى. وبطبيعة الحال فان الجهات الصناعية قد تحركت للدفاع عن البيئة والانسان, ووضعت قوانين حماية, ونظما للتخلص من هذه النفايات بمعالجتها وردمها, بطريقة تحد من اضرار عناصرها بتحييدها او دمجها لتكون في النهاية كتلا غير كاملة للشرب او الرشح ثم ردمها ردما صحيا ومنيعا يقي من التعرض لاضرارها مستقبلا.
فرص اقتصادية
ويضيف ان هناك فرصا اقتصادية مهمة لانشاء شركات مساهمة لاعادة تدوير النفايات من حيث ان انتاج المخلفات في بلادنا كبير جدا, وان مخلفات اليوم يمكن ان تتحول الى مواد مفيدة مستقبلا, والدراسات التي تم اجراؤها بخصوص مشاريع تدوير النفايات تؤكد ان الاستثمار في هذا المجال مجد جدا ويمكن ان يكون له مردود ممتاز, ومع قصر مدة استرداد رأس المال للمشروع سيساهم في الحد من التلوث البيئي للهواء والتربة والماء - يضيف ان المواد البلاستيكية والمطاطية من المواد ذات الخطورة الكبيرة على البيئة البرية والجوية والمائية ذلك انها لا تتحلل ابدا بل تبقى على المدى البعيد في التربة كما ان حرقها في اجواء مكشوفة يؤدي الى مخاطر حقيقية على الصحة العامة حيث ان الدخان المنبعث منها يؤدي الى امراض مختلفة بالاضافة الى الاختناق وضيق التنفس لمن يعانون امراض الربو والجهاز التنفسي ولذلك فان الاستثمار في تدوير الاطارات والمواد البلاستيكية من الفرص الاقتصادية الجيدة التي تبحث عن المزيد من المستثمرين.
مؤسسة للابحاث البيئية
من جانبه يؤكد عبدالرحمن العطيشان رئيس لجنة النقل البري بغرفة المنطقة الشرقية انه لا يمكن حتى الان تحديد حجم النفايات الهائل التي تنتج بالمملكة لعدم وجود مؤسسة ابحاث واحصاءات بيئية حتى الان, والمفروض من كل صناعة ان تقدم احصاء سنويا لاستخداماتها الى هيئة الارصاد وحماية البيئة حتى يتم عمل احصائيات سنوية لحجم سوق النفايات والسوق المتوقعة لفائدة الشركات العاملة في هذا المجال وغيرها مما تنوي الدخول به كمجال جديد للاستثمار.
ويشير العطيشان الى ضرورة ان يكون هناك وعي بيئي حيث ان من شأن ذلك ان يكون حاجزا للاقلال من حجم النفايات.
لابد من تشريعات جديدة
ويضيف ان الاستثمار البيئي في الوقت الحاضر يحتاج الى تشريعات جديدة محكمة ليكون الاستثمار اكثر جدوى مما هو عليه في الوقت الحاضر - ويكون لشركات تجميع النفايات بشكل اساسي دور اكبر مما هو موجود في الوقت الحاضر مشيرا الى ان بعض الدول النامية والدول المتقدمة اتجهت لتشجيع قيام صناعة بيئية متطورة لديها لمساندة خططها التنموية وذلك بتوفير الدعم اللازم من خلال المساهمة في رأسمال تلك المشاريع او توفير القروض الميسرة لها وحمايتها من المنافسة غير المتكافئة ادراكا منها للأبعاد الوطنية لمثل هذه المشاريع وعوائدها البيئية.
مصنع ضخم في الجبيل
من جانبه يشير مدير احدى شركات تدوير النفايات والحفاظ على البيئة ان شركته تقيم مصنعا ضخما في مدينة الجبيل يعتبر من اضخم المشاريع لمعالجة النفايات العضوية الخطرة في منطقة الشرق الاوسط - ويقوم المشروع بالمعالجة الحرارية للنفايات في افران خاصة تصل درجة حرارتها الى 1200 درجة مئوية وبطاقة تشغيلية تصل الى ما يقارب 30 طنا في اليوم واننا نبحث عن شركاء لإقامة مصنع اخر للتدوير للبلاستيك والمطاط حيث نرى ان مثل هذه المشاريع ناجحة جدا..
تحتاج الى اكثر من شركة
اما عوضة الشمراني (مستثمر صناعي) فيرى ان صناعة تدوير المخلفات بأنواعها ذات فوائد جمة للاقتصاد الوطني فهي بالاضافة الى حفاظها على البيئة تستفيد من منتجات خردة او مهملات في صناعة مواد جديدة ومفيدة يمكن الاستفادة منها محليا او تصديرها الى الخارج مشيرا الى ان صناعة التدوير تستفيد من مواد رخيصة في تشكيل منتجات جديدة. وأكد الشمراني ان صناعة التدوير تحتاج الى اكثر من شركة مساهمة وبالرغم من وجود عدد من شركات التدوير حاليا لمختلف المخلفات والنفايات الا اننا بحاجة الى استثمارات اكبر حيث ان النفايات في بلادنا هي الاكبر بين دول العالم بالنسبة لعدد السكان.
عصفوران بحجر واحد
من جانبه يؤكد يوسف الناصر مستثمر ان تدوير النفايات اصبح احدى اهم الصناعات المهمة في العالم كونها (تضرب عصفورين بحجر واحد) كما يقال حيث انها تعمل على تنظيف البيئة من المخلفات والاستفادة من هذه المخلفات في صناعات جديدة يستفيدا منها الوطن ويمكن تصديرها الى الخارج ويشير الناصر الى ان للصناعات المختلفة في اي بلد في العالم اثارا سلبية على البيئة التي تتمثل في المخلفات والنفايات بأنواعها - ولذلك اتجهت الابحاث ليس فقط لكيفية التخلص من أثار هذه النفايات ولكن الى سبل الاستفادة منها ايضا وهي فائدة مزدوجة.
دراسات جدوى
ويشير الناصر الى ان الصناعات التي تتخذ من النفايات الخام الاساسي لها هي استثمار مجد شريطة ان تسبقة دراسات جدوى - حول مدى تقبل المستهلكين لهذه الصناعة وكيفية الحصول على المدخلات وتصريفها وهو امر يحتاج الى زيادة الوعي لدى المستهلكين.
من جانبه يؤكد محمد برمان اليامي (رجل أعمال) ان دراسات الجدوى هي من الامور الاساسية والضرورية لنجاح صناعة إعادة التدوير والشكوك في نجاح هذه الصناعة تأتي اساسا من ضعف الثقة في استمرار توافر النفايات اللازمة لتغطية صناعة إعادة التدوير إضافة الى انخفاض الوعي البيئي لدى الافراد حيث لا يعيرون فكرة إعادة التدوير الاهتمام الكافي وحتى في ظل وجود توقعات معقولة بأن المواد الأولية متوافرة بكمليات كبيرة ومضمونة وهناك تخوض من استقرار سوق المنتجات المعاد تدويرها.
الشركة المساهمة صعبة النجاح
من جانبه يؤكد عبدالرؤوف المطرود مدير عام مجموعة المطرود الصناعية والتجارية ورئيس جمعية سيهات للخدمات الاجتماعية ان مشروع اعادة التدوير هو احد المشاريع التي هي الان تحت الدراسة ضمن مجموعة من المشاريع التي ينوي إنشاءها بالتعاون مع آخرين بعد ان اثبتت دراسات الجدوى نجاحها.
ويؤكد المطرود ان الاستثمار في مشاريع لاعادة تدوير النفايات يستوجب تعاونا من امانة مدينة الدمام في الدعم اللوجيستي للمشاريع عن طريق وضع حاويات لتصنيف النفايات الزجاجية والبلاستيكية والمطاطية والخشبية والحديدية والنحاسية وغيرها - وكذلك بالنسبة للترخيص والاجراءات الاخرى ويشدد المطرود على ان مشاريع إعادة التدوير هي مشاريع ناجحة جدا ومفيدة للاقتصاد الوطني بالاضافة الى كونها مشاريع للحفاظ على سلامة البيئة - خاصة بالنسبة لنفايات لا تتحلل في التربة مثل البلاستيك والمطاط والمواد الكيماوية المختلفة مشيرا الى ان اعادة التدوير هي احدى الصناعات الاكثر تطورا وتمثيلا للدول المتقدمة في العالم حيث انها تعيد استغلال منتجات مهملة ونفايات كانت سترمى او تحرق ويكون ضررها اكبر على البيئة وبالنسبة لإنشاء شركة مساهمة لإعادة تدوير النفايات شدد المطرود على ان ذلك قد ينطوي على مخاطر خاصة اذا كانت هناك اراء ادارية متعددة لادارة هذه الشركة وإدارة الانتاج والتسويق فيها وهو سمة الكثير من الشركات المساهمة - وكذلك فإن إنتاج النفايات او الحصول على النفايات اللازمة كمادة خام للتشغيل ليس بالضرورة ان يكون ثابتا لذلك فإننا نؤيد إنشاء شركات خاصة حتى ولو كان عددها كبيرا حيث ان السوق يستوعب اعدادا كبيرة من الشركات التي يمكن ان تستغل الفرص الكثيرة الموجودة حيث ان المملكة كما قلنا من اكثر الدول التي ينتج سكانها المخلفات والنفايات.. ويؤكد المطرود ان صناعة التدوير ستكون صناعة المستقبل وستكثر المصانع التي ستنشأ استغلالا للفرص المتاحة.
حرق المخلفات يسبب اضرارا بالغة للبيئة
القاء المخلفات دون تصنيف يصعب من امر الاستفادة منها