يبدأ لبنان معركة أخرى ربما أشقى وأطول من المحنة التي عاشها سكانه تحت هدايا الموت الإسرائيلية.
إن مرحلة ما بعد الحرب هي معركة أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية، وفي بلد مثل لبنان تحتاج المعركة إلى صمود خاص، يماثل الوحدة حققها اللبنانيون في شهر اللعنة الماضي.
وتراهن إسرائيل من خلال إمعانها الوحشي في تخريب لبنان على هزة الوحدة اللبنانية لتجعل لبنان مسرحاً لكل اللاعبين الذين يمررون عبقرياتهم السياسية في الميدان اللبناني على حساب لبنان ومواطنيه.
وتحتم اللبنانية والوحدة اللبنانية ولبنان الوعد والمستقبل أن يلتف اللبنانيون حول وطنهم ويحتكموا إلى السيادة التي تنتجها الأغلبية الشرعية. وأن يخضعوا جميعاً للتشريع النيابي والقرارات الحكومية التي تأخذ شرعيتها من التكليف النيابي.
والخروج على الشرعية اللبنانية هو خروج على السيادة اللبنانية، ومقامرة بمستقبل لبنان. فقد أثبتت الأيام والأحداث أن سلام لبنان في توافق الفرقاء وإن لم يتم الإجماع يتعين اللجوء إلى إرادة الأغلبية، واحترام الأغلبية يعني الخضوع لسيادة الوطن وليس ذلاً ولا هزيمة.
يمكن أن تختلف الآراء والطروحات كما هي دائماً في كل مكان ووطن، والطروحات الناجحة هي التي تقنع الأغلبية بصوابها. ويجب أن تكون السيادة اللبنانية، الممثلة بالأغلبية، هي المعيار الوحيد للولاء للوطن. وهي الخلاص للبنان، وهي ثمرة لتنوع لبنان، وهي خدمة لكل اللبنانيين. لكي ينجح لبنان في صد المحاولات المستميتة لاستغلاله وفي كبح الأذرعة التي تتمدد كما الثعابين لنسف استقلال لبنان ومصادرة إنجازات اللبنانيين الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية.
ويبدو أن اللبنانيين قد جربوا ظلمات المحاور وجربوا روعة الوحدة والولاء الكامل للوطن، وأصبحوا يملكون خبرات كافية وزعاماته ناضجة بما يكفي لكي تصنع وحدة وطنية تعز لبنان وتجعله قائداً ومبادراً وفاعلاً بدلاً من أن يكون تابعاً وصداً للأفعال.وقد حققت الدبلوماسية اللبنانية مسلحة بالوحدة اللبنانية والموقف العربي، انتصاراً حاسماً في العمل الدبلوماسي في الأمم المتحدة، موازياً لشجاعة المقاومين للعدوان الإسرائيلي. ومثل ذلك وحدة لبنانية رائعة تكاتفت جميع الطاقات من أجل إنقاذ لبنان من الهجمة الوحشية الإسرائيلية.
