التكالب على مكاتب المجلات الشعبية من قبل بعض الشعراء الذين يعشقون الظهور أمر مزعج ومحير في نفس الوقت , مزعج للقائمين على هذه المجلات من محررين ورؤساء تحرير , ومحير لكل عاقل يعي تماماً أن الشاعر الواثق بنفسه عليه أن يلتزم بدوره في تقديم الجيد والمتفرد شعرياً ولا يتجاوزه الى ما هو أبعد من ذلك كأن يقوم بدور المسوق لشاعريته ويعرض نفسه بطريقة مبتذلة أمام أرباب الصحافة الشعبية .
اطلعت ذات يوم على قصيدة بإحدى المجلات وقد نشرت بصفحة كاملة وبإخراج متميز مع أن مستواها لا يؤهلها لأن تكتب أبياتها على جدارن الحواري القديمة , وصادف أن اتصل بي حينها محرر بالمجلة إياها فسألته عن مسوغات نشر مثل هذه القصيدة فقال لي بالحرف الواحد : (الغثاثة) ! غثاثة صاحب القصيدة هي المسوغ الرئيسي لنشرها , يقول المحرر : لم يكف هذا الشاعر اتصالاته المتكررة للسؤال عن قصيدته فأصبح يداوم على الحضور الى مكاتبنا بشكل يومي مرة بحجة السلام ومرة بحجة إسماعنا الجديد وفي كل مرة يأتي بصديق له يختلف عن الصديق الذي جاء معه سابقاً ليري أصدقاءه ومعارفه أننا على علاقة قوية به وحريصون على زياراته وتتبع أخباره وأشعاره ! فما كان منا إلا أن نشرنا قصيدته التي نعلم يقيناً أنها لن تضيف لنا ولا للقراء شيئا يذكر , ولكن كان هذا هو السبيل الوحيد لنرتاح من "غثاثته" ولو لفترة مؤقتة !
أمثال هذا الشاعر كثيرون , ومكاتب المجلات الشعبية تشهد مواقف مشابهة , وليس الهدف نشر القصائد فحسب , فبعض هؤلاء الشعراء طموحه في أن تجري معه المجلات لقاء صحافياً شاملاً , ويقصد بزياراته تلك أن يقول للمحررين ..هأناذا قد اختصرت عليكم الطريق وأنا بين أيديكم وفي عقر داركم ..!
[email protected] 
