واجهة موجة الإرهاب العاتية، إلا أن المخاوف ما زالت سائدة وتزداد تحسباً لأية أعمال مقبلة أو محتملة، وهو شعور طبيعي وإنساني، خاصة ان العمليات الإرهابية لا تتميز بأي جانب أخلاقي وينبذها الجميع.. واتضح ذلك الخوف من التحذيرات المتتالية التي انتابت المجتمع الغربي مع التزامن مع الذكرى الأولى لهجمات 7 يوليو في العاصمة البريطانية لندن، وقبلها أحداث سبتمبر بالولايات المتحدة وبالي في أندونيسيا. لا ننكر أن الغرب تحديداً يعيش منذ سنوات (فوبيا) الإرهاب، وتدفعه هذه الكوابيس إلى المبالغة غير الطبيعية في التخوف مما يعني ردود أفعال سلبية أثرت حتى على حركة المواطن الغربي العادي وتشددت بشكل غير معقول تجاه ما هو غير غربي وتحديداً ضد ما هو إسلامي أو عربي، حتى لو حاول الرد الرسمي نفي ذلك. نعترف بأن الأعمال الإرهابية قامت بها مجموعات إسلامية بعضها عربي وبعضها غير عربي، لكنها لا تعني إدانة كل العرب والمسلمين ووضعهم في خانة نظرية (العدو البديل) التي طالما روج لها مفكرون غربيون بعد سقوط العدو التقليدي الشيوعي، ليقع الغرب بأكمله في هوة التصنيف الفكري والإثني والعقائدي، مما سبب لهم مأزقاً حالياً لن يخرجوا منه إلا بهدم كل نظرياتهم القديمة والتفهم الحقيقي لمعنى التعايش الإنساني وعدم النظر للآخرين على أنهم من فئات دنيا، جماعات إرهابية مثل بادر ماينهوف الألمانية والألوية الحمراء الإيطالية، جماعات أمريكية ويابانية أخرى، لم يصنفها العالم منذ حقبة الستينات على أساس انتمائها الجغرافي وتعامل معها كحركات فردية لا تعبر عن ألمانيا أو إيطاليا أو أمريكا أو اليابان، فيما وقع الغرب في هذا الخطأ المقصود والمتعمد وبالتالي يعيش هاجس الخوف كل يوم وكل دقيقة. صحيح ان التهديدات الإرهابية قائمة، وصحيح ان الحرب ضد الإرهاب لم تنته بعد، وما زال العالم يحتاج لخطوات عملية أبعد من ذلك وفي شكل تضامني جماعي، لكن الأهم الآن وفي هذه المرحلة ضرورة التقارب من أجل التعايش بين جميع أبناء البشر، واتخاذ إجراءات واقعية تتبنى الانفتاح والحوار بعقلية القرن الحادي والعشرين، والإيمان بأن جميع البشر سواسية أمام الخالق ثم أمام القانون، دون تمييز أو استثناء، (وهذه بالذات واحدة من أروع مبادئ الإسلام) إضافة للتعرف الحقيقي على مشاكل الآخرين وتفهمها، هنا فقط، وعندما نتخلص من عقدنا يمكننا جميعاً أن نعيش بلا خوف.