عزيزي رئيس التحرير
نعرف جميعا اهمية العمل الخيري في بلادنا, اولا كمنهج ديني وعقائدي يحثنا عليه ديننا الحنيف, وكسلوك قويم يجب ان نتحلى به جميعا, وثانيا كاداة تستغل افضل ما في البشرية وتؤصلها وتؤطرها بنوع من الاثرة المحببة والمرغوبة.
اقول ذلك بمناسبة ما كتبه الاستاذ حسن بن علي الجاسر في زاويته الاسبوعية بـ(اليوم) في يوم الاثنين الماضي والتي جاءت بعنوان.. (ويقولون انفاق في غير محله) حيث تناول ما تراه بعض الشرائح في اعمال الهيئات الخيرية بالنقد او بالتهويل.
الاستاذ الجاسر نجح في الرد على هذه الانتقادات - حتى ولو كان بعضها صحيحا - بموضوعية, وكنت اتمنى ان يكون صريحا - كما تعودناه - من حيث التقييم الفعلي لاداء هذه الجمعيات فعلا على ارض الواقع.
للاسف.. كثير من الاهداف السيئة, تسترت بالعمل الخيري. وتجربتنا في المملكة مؤلمة للغاية, وضريبتها ما فوجئنا به من اتهامات لمؤسسات خيرية سعودية, انشغلت بالخارج وتركت الداخل. وصار المحتاج في الخارج اولى بكثير من المحتاج في ربوع كثيرة من انحاء الوطن, وصحونا يوما على الزيارة الانسانية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حينما كان وليا للعهد - لبعض الاحياء الفقيرة بالرياض. وفزعنا كسعوديين من الصور التي نشرت لمحتاجين حقيقيين, اصبحت الجمعيات الخيرية بالنسبة اليهم عين عذاري تسقي البعيد بينما القريب يحتاج لشربة ماء ويمنعه التعفف.
كما قلت, انا كمواطن لا اعترض على فعل الخير في اي مكان, لكن (الاقربون اولى بالمعروف) ولعل صاحب الاستاذ الجاسر, لمس وترا حساسا نلمسه باستمرار, واسمحوا لي ان اقولها بصراحة, اننا في حاجة لمراجعة انظمة عمل الجمعيات الخيرية ومحاسبتها ماليا على هذا الانفاق في امور شكلية وظاهرية, اثق في انها لو وجهت للمحتاجين فعلا لما شكا فقير منا من حاجة اوعوز.
دعونا نراجع مناسبات هذه الجمعيات, للاسف الشديد, سنرى بذخا مفرطا, مطبوعات فخمة, بطاقات مذهبة وفضية, ولوحات طويلة وعريضة ومؤتمرات وندوات هائلة.. ومصروفات في غير الوجه المخصصة له.. قد يقول قائل: انها تبرعات فيكون الرد: هل هذا يعني ان ننفقها بهذا الشكل؟.. حتى لو كانت تبرعات او دعما حكوميا, ألم يسأل احد نفسه: ماذا يحتاج الفقير او المحتاج؟ هل تكون مطبوعة ما هي وجبة افطاره؟ وهل نعطيه لوحة ليتغطى بها صيفا او شتاء؟.. وهل تقيه بطاقة مذهبة وفخمة ذل الحاجة او السؤال؟
قارئ - ولعله احد منسوبي الجمعيات الخيرية - ارسل يهاجم صاحب الاستاذ الجاسر, وامتطى ظهر واجب تقديم الدعم للمحتاجين, وتحدث عن مئات الاسر التي ترعاها الجمعية, ونحن لانختلف معه, لكن لو تم ضغط هذه النفقات غير الضرورية وتوجيهها لهذه الشريحة, ألم يكن الحال افضل, وهل هذا الذي انبرى للدفاع ضاق صدره بالنقد وكان الرد بان المقابل هو اغلاق هذه الجمعيات.. لا ياسيدي, يجب ان تظل ابواب الخير مشرعة ولا يمن علينا احد من موظفيها فالمال مال الله, ومن تبرع فانما يرجو وجه الله, ويجب ان توجه النفقات مرضاة لله, وليست بحثا عن بطاقة فخمة او وليمة عامرة او مناسبة باذخة.
تحية للاستاذ حسن الجاسر ولامثاله من المخلصين الذين لا يبغون الا مصلحة هذا الوطن والله من وراء القصد.
سلمان بن علي النافع - الخبر
