المرضى النفسيون في أي بلد وفي أي مكان يحتاجون في البداية لمعرفة حالتهم النفسية والأسباب التي أدت الى وجود هذا المرض حتى تتم معالجته بصورة سريعة وإنهاء مشكلته قبل أن تتطور ويعتبر المريض النفسي حالة شاذة في المجتمع بسبب عدم معرفة وتفهم الآخرين لحالته، لعدم قربهم منه وملامسة احتياجاته ومتطلباته.
ولقد كان لـ(اليوم) جولة سريعة على مستشفى الصحة النفسية بمدينة عرعر واستطاعت أن ترصد حالات المرضى النفسيين في المستشفى سواء النزلاء أو المراجعين الذين يعانون أسبابا نفسية ولقد كان للمستشفى دور بارز وملموس في تخفيف المعاناة التي يجدها المريض النفسي هو أو أهله. (اليوم) التقت بمدير المستشفى حمود المسعود الذي أكد ان مستشفى الصحة النفسية بعرعر يعد من أقل المستشفيات بالمملكة في وجود حالات مرضية دائمة فيه ليس لعدم القدرة العلاجية لها بل لعدم معرفة ذويهم وأولياء أمورهم. ومن خلال جولتنا على المستشفى رصدنا الانجازات التي حققها المستشفى في معالجة نزلائه النفسيين بل وغيرنا النظرة التي يجب أن يغيرها كل شخص عن المريض النفسي الذي ابتلاه الله بهذا المرض الذي لم يجعل الله علاجه عسيرا على من كان مهنة الطب النفسي هي مهنتهم متى ما روعي فيها ابتغاء الأجر وتأمين العلاج المناسب له.
مبنى المستشفى
الزائر لمبنى مستشفى الصحة النفسية بمدينة عرعر يلاحظ انه من المستشفيات ذات الطراز المعماري الحديث ويغلب على وصفه انه صرح تربوي وتعليمي من خلال الأنشطة الهادفة والاجتماعية والبرامج الدينية والترفيهية وغيرها وينقسم مستشفى الصحة النفسية الى قسمين: القسم الأول يشمل المكاتب الادارية والقسم الثاني يشمل العيادات الخارجية التي تضم عيادة نفسية للرجال وأخرى للنساء ومختبرا وقسم الأشعة والسجلات الطبية والصيدلية وعيادة الأسنان وقسم المختبر اللذين تم انشاؤهما مؤخرا تحقيقا لخدمة المرضى وأيضا استراحة للزوار والمرضى مصممتان بطريقة حديثة. ويشمل المستشفى أقسام تنويم للرجال والنساء وقسما للنقاهة وآخر للطوارئ والاسعاف وأيضا هناك ملاحق بالمستشفى تضم قسم الترفيه الذي يشتمل على صالة متكاملة للألعاب الرياضية وغرفة لممارسة الهوايات متوافر فيها جميع ما يحتاجه المريض من أدوات تساعده في تطوير موهبته اضافة الى قسم الخدمة الاجتماعية وهو عبارة عن أبحاث للمرضى والتواصل مع الأهل وقسم التوعية الدينية حيث تم وضع سماعات داخل أقسام التنويم تتناسب مع حالة المرضى وأيضا اذاعة داخلية خاصة لقسم النقاهة.
نزلاء أقل
يعتبر مستشفى الصحة النفسية بعرعر أقل مستشفى على مستوى المملكة من حيث عدد النزلاء فيه والذين ليس لهم عائل أو ولي أمر يسكنون معه، حيث يوجد بالمستشفى 4 مرضى نفسيين منذ أربع سنوات رغم ان حالتهم الصحية مستقرة. ويعتبر هذا العدد الأقل بالنسبة للنزلاء الدائمين مقارنة بالمستشفيات الأخرى من خلال الاحصائية الصادرة من وزارة الصحة.
حالات النزلاء من المرضى والمراجعين
حقق مستشفى الصحة النفسية بعرعر انجازا واضحا وملموسا في الطب النفسي من خلال تحقيق المعالجة الصحيحة والسليمة والتشخيص المناسب لنزلاء المستشفى والمرضى المراجعين وكشف مدير الخدمات الطبية بالمستشفى الدكتور محسن العيسوي لـ(اليوم) عن بعض الحالات النفسية التي قام بعلاجها سواء لنزلاء المستشفى او مراجعيه التي تشهد للمستشفى بالانجاز.
تراجع المشعوذين
نذكر هنا قصة أم كانت تراجع المستشفى بابنها المريض نفسيا عند حدوث حالة الهيجان لديه وعند مقابلة الدكتور المعالج وتشخيص حالة الابن قرر اعطاءه الدواء المناسب لحالته، إلا أن الأم ترفض أن تعطي ابنها الدواء في البيت خوفا عليه من عدم الانجاب مستقبلاومن ثم تلجأ به الى المشعوذين لاعتقادها انهم يستطيعون علاجه سريعا. وبقيت الأم وابنها على هذه الحالة 5 سنوات، وأثناء مراجعتها المستشفى ومعرفة أمرها تم اقناعها بان الدواء النفسي هو العلاج المناسب لابنها وعندها بدأت تتابع حالة ابنها الصحية مع المستشفى وتعاطي الدواء المناسب الى ان استقرت حالته الصحية وواصل دراسته حتى أكمل الثانوية العامة دون أي مشاكل.
مرضى مدمنون
عالج المستشفى عددا من المرضى المدمنين الذين ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة التي كادت تقضي علهيم وما ان من الله عليهم بالفرج من خلال مراجعتهم المستشفى حتى تم تشخيص حالاتهم واعطائهم العلاج المناسب لهم كما اصبحت حالاتهم مستقرة خلال فترة قصيرة مع العلاج.
وفي قسم النقاهة التقت (اليوم) بأحد المرضى البالغ من العمر 15 عاما وكان يعاني حالة ادمان وتمت السيطرة عليها من خلال عدة جلسات مع الطبيب وهو الآن على وشك الخروج من المستشفى.
السيطرة على حالات الانتحار
ساهم المستشفى في اقناع عدد ممن حاولوا القيام بالانتحار لأسباب نفسية وذلك من خلال تشخيص حالاتهم ومعالجتهم واقناعهم بالابتعاد عن هذا الفعل المحرم وذكر الدكتور محسن العيسوي ان هناك بعضا من النساء اللاتي تم اقناعهن كن يحاولن الانتحار قبل وبعد الزواج حسب المشاكل التي واجهنها والبعض منهن بسبب ارغامهن على الزواج بشخص لا يرغبن فيه شريكا في الحياة وبذلك تلجأ المرأة للانتحار باعتباره الحل الوحيد والمناسب لمشكلتها، وقد استقبلنا عدة حالات محولة من مستشفى عرعر المركزي وتم تشخيص الحالة لديهن واعطائهن العلاج المناسب ومن ثم تم اقناعهن تماما من خلال الأدوية النفسية والتوعية الدينية بأن هذا العمل محرم وان تعاليم ديننا الحنيف ترفضه.
انفصام في الشخصية
أحد مراجعي المستشفى يعاني انفصاما في الشخصية نتيجة تناوله الحبوب المخدرة وتتم معالجته أثناء المراجعة للمستشفى بالطريقة المناسبة له حيث يتم الدواء المناسب مع حالته وبعد ذلك تصبح حالته مستقرة تماما ويتحدث كأي شخص معافى ولكن نتفاجأ بعودته لنا خلال فترة قصيرة من قبل رجال الأمن حيث اتضح لنا ان الأهل في البيت لا يقومون بمتابعة حالته ومتابعة العلاج الذي صرف له وهذا الأمر بلا شك يسبب ازعاجا لعدم تعاونهم مع المستشفى رغم ان دور المنزل في العلاج يعتبر دورا فعالا ورئيسا في انهاء مشكلة المريض النفسي.
تشخيص خاطئ
عدد من المرضى لديهم تشخيص خاطئ من مستشفيات في الدول المجاورة نتيجة عدم معرفة الحالة المرضية لديهم وقد استمروا على هذه الحالة 5 سنوات وعند مراجعتهم مستشفى الصحة النفسية بعرعر تمت معالجتهم خلال أيام قليلة بعد التشخيص السليم لحالاتهم والتأكد منها واخضاعهم لجلسات متكررة.
أجهزة متطورة للأقسام
تم تزويد المستشفى بالأجهزة والآلات المتطورة والحديثة، ففي قسم المختبر تم تأمين الأجهزة المختبرية الحديثة وجميع الأدوات اللازمة الأخرى وكذلك تجهيز قسم الأسنان بأجهزة بمواصفات عالية تعمل بطرق حديثة لتحقيق الفائدة المرجوة منها اضافة الى سيارة اسعاف حديثة وعالية التجهيز وعلى أتم الاستعداد لنقل حالات النزلاء والمراجعين اذا لزم الأمر. وأيضا تم تخصيص كاميرا حديثة تعمل بصفة مستمرة لمتابعة حالة النزلاء المنومين في غرفهم.
الأنشطة والبرامج
ينظم المستشفى أنشطة مختلفة منها الرحلات البرية بشكل أسبوعي لمن حالتهم تسمح لهم بالخروج مع طاقم طبي للمتابعة بهدف الترفيه والاطلاع واخراجهم من جو المستشفى الى بيئة أخرى تناسبهم كما يوجد في المستشفى أنشطة ترفيهية أخرى مثل ممارسة لعبة كرة القدم وتنس الطاولة وغيرها من الألعاب المسلية والمفيدة.
هذا اضافة الى وجود صالة مخصصة لصقل مواهب النزلاء وابرازها حيث يقومون بممارسة هواياتهم بكل حرية. وهناك جلسات للرجال والنساء مصممة بطريقة حديثة وهناك النشاط الاجتماعي الذي يهدف الى تواصل المرضى مع الطاقم الطبي والاداري والبرامج الدينية المفيدة والهادفة التي تساهم بشكل فعال في علاج المرضى.
تبرعات من المحسنين
توجد في الصيدلية الخاصة بمستشفى الصحة النفسية بعرعر أدوية ذات مواصفات عالية تم شراؤها بأسعار مرتفعة من أجل توفيرها وصرفها على بعض المرضى وتضم الصيدلية أنواعا مختلفة من الأدوية التي تساهم في سرعة العلاج وتكون دقيقة لا تصرف إلا اذا لزم الأمر لها ويحظى المستشفى بمساعدات أهل الخير والاحسان وأيضا تبرعات من قبل لجنة أصدقاء المرضى لتوفير متطلبات المستشفى والمرضى بقدر كاف ابتغاء الثواب والأجر.
نصائح وإرشادات للمرضى وذويهم
وفي نهاية الجولة وجه الدكتور النفسي محسن العيسوي بعض النصائح والارشادات الهامة للمرضى وذويهم وتشمل الحرص على أداء الطاعات والابتعاد عن المعاصي والتوجه مباشرة الى المستشفى فور شعور الشخص بأي مشكلة وحث الأسرة على متابعة الفرد المصاب منها باستمرار حتى تتحقق الفائدة من العلاج المعطى له. كما وجه الدكتور العيسوي بعدم ترك الأطفال يمارسون بعض الألعاب ذات الطابع الاجرامي التي يكون لها اثر سلبي على الطفل وقد يتطور معه. كما طالب بمتابعة سلوك الأطفال وعرضهم على الطبيب النفسي في حال حدوث أي تغيير.
