DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الخراب يحاصر الكوت القديمة

الكوت.. تراث عريق حطمه الزمن

الخراب يحاصر الكوت القديمة
الخراب يحاصر الكوت القديمة
عندما وطأت قدماي هذا المكان لم اعد اتخيل كيف عاش فيه اهله قبل سنين بين هذه الممرات الضيقة والجدران القديمة التي لو زارها سائح لما خرج منها الى بعدما يلتقط أكل منزل ومنظر قديم يحمله كلمة (تراث) لم يضع لها اهالي هذه المنازل المهجورة اي اعتبار, ولكن كما تعلمون ان السائح لا يذهب الا في الأماكن المكشوفة التي تعارف عليها الغرباء عن هذه المنطقة والتي غالبا ما تكون هذه الأماكن متهيئة لاستقبال السياح. بدأت تجولي في حي الكوت بالهفوف بعد صلاة الجمعة عندما خرج من جامع الجبري الأثري توجهه الى سيارتي لكي اصطحب (عدستي) لكي استطيع التقاط بعض الصور, شعرت بارتياح عندما شاهدت تكاتف المصلين خارجين من المسجد فقلت في مخيلتي لن اواجه اي مصاعب في الحصول على اي معلومات عن هذا الحي نظرا لمشاهدتي تجمع المصلين والجميع يحتضن الآخر, سرت في طريقي والجميع تتطاير عيناه من ابناء الحي والاجانب عندما شاهدوا عدستي ممسكا بها فما كان من الجميع الا وسهام اعينهم متجهة لي وكأنني اقرأ ما يدور في داخلهم عن ماذا يبحث هذا وهو ممسك عدسته. ابتعدت عن انظارهم مسافة حتى اخفتني المنازل بعد صعودي فوق الكثبان والحجارة وجذوع النخل القديمة التي يعود عمرها الى سنين, فكان اكثر ما شد انتباهي هو الاسقف القديمة التي مضى عليها سنوات والتي كانت من صنع الآباء والأجداد القدامى, مضى على تجولي قرابة نصف الساعة وكانت آثار قدمي اختفت واعتقد انني قد توهت الطريق فالحمد لله كانت الشمس تنور لي الطريق ولا يوجد اي اصوات تثير للخوف حتى لا يزاد القلق في نفسي وافر هاربا بدلا من وجودي وسط هذا المكان الذي لا يستطيع العيش او السير فيه اي مخلوق فالمكان مرعب في النهار فكيف يسير في هذا الحي انسان في الليل دون اي اضاءة, اكملت مسيرتي في وسط عمق الحي فكل منزل تحكي لي الصور التي التقطتها كيف عاش اصحابه فيه في ظل صغر الغرف ومساحتها, سارت قدماي دون شعور بالمسافة التي قطعتها صحيح ان مساحة الحي لا تتجاوز الكيلومتر الواحد ولكن انهيار المنازل وارتفاع القبب وتراكم الاحجار ابعد المسافة وجعلها تطول بينما هي في الطبيعة قصيرة, صعدت فوق ركام منزل متسلط فسقطت عيناي على صوت نفس بشرية ولكن لا استطيع رؤيتها وكانت الاصوات الصادرة هي عبارة عن كلمات غنائية ولكنني لم استطع تمييز نوع اللغة وذلك لبعد المسافة فتتبعت الصوت حتى توصلت اليه, فما كان مني الا ان التقط صورة له اولا قبل ذهابي له, الصدمة التي لم اتوقعها هي عندما شاهدت احد العمالة الآسيوية يسكن في منزل متساقط وكان وقتها (يحلق دقنه) فاقتربت منه وعندما شعر العامل بخطوات ارجل تسير نظر لي وفي حالة فزع وارتباك عندما اقبلت بجواره فترك ما بيده وذهب الى الجهة المقابلة وهي عبارة عن منزل مقابل متساقط ولكن اجزاء المنزل متراكمة وفوقها كان العامل ناصبا اعمدة من الحديد متقابلة يربط بينها سلك حديدي وكان العامل واضعا ملابسه لكي تجف تحت حرارة الشمس, وبعد اقترابي منه بادرت بسؤاله عند وجود غيره من السكان حول المنزل الذي يسكنه. قال: وكان رده يصطحبه الخوف ظانا بي انني من احد افراد الجوازات فقال: (ما في نفر كلو بيت خربان وانا كفيل يجب انا هذا بيت). تابعت جولتي حتى اصبحت ملابسي مغطاة بالتراب وقد ارهقني التعب من التنقل والصعود فوق شبه الجبال وما هي الا جدران متساقطة قديمة. حان موعد اذان العصر فإذا بشاب يخرج من احد المنازل الشعبية بادر بسؤاله عندما شاهد عدستي وأنا التقط بعض الصور, يدعى سامي حسن قال: اكثر ما يسبب لنا الازعاج في الليل الكلاب السائبة التي يؤرقنا وجودها واضاف: قمنا بمراجعة الأمانة لايجاد حل مع هذه الحيوانات ولكن دون فائدة لم يتكرم احد الموظفين بزيارة هذه الاحياء التي اصبحت مأوى لضعفاء النفوس والعمالة السائبة نظرا لسقوط المنازل ويصعب على اي شخص الدخول الى هذا الحي الا الاماكن التي تطل على الشوارع العامة او القريبة من المنازل, ويأمل سامي واهالي الحي الذين مازالوا باقين في منازلهم المتواضعة ان يهتم المسئولون بازالة المنازل المتساقطة التي ظلت قرابة هذه السنوات ولم تؤخذ بعين الاهتمام. تابعت الجولة بعد ان انتعش الطريق بالعابرين من احد المنازل المجاورة ولكن كان نصيب العمالة الآسيوية اكثر نظرا لاحتلالهم الحي وكغيره من الاحياء الاخرى التي هجرها اصحابها. سقطت عيناي على رجل مسن كان في طريقه الى المسجد لأداء صلاة العصر سرت بجواره وتحدث لي عن هذا الحي في السابق وقام يروي لي الذكريات الجميلة التي عاشها في هذا الحي القديم فقال: مازلت اتذكر كل شبر من هذا المكان ولكن اصحابها هجروه واصبحت مشوهة للانظار ومأوى للعمالة وضعفاء النفوس, ويختم حديث الرجل المسن: الاحياء القديمة بعيدة عن الانظار وستسقط المنازل الباقية على رؤوس الاهالي والمسؤولين على الكرسي الدوار لا يكلف احدهم لو زيارة واحدة للحي ومن هنا يتساءل السكان اسئلة تضع لها علامات استفهام كثيرة ينتظرون من الجهات المعنية الرد على هذه الصور يا ترى اين المسؤولون ببلدية محافظة الاحساء عن هذا الحي الذي يعد واحدا من بقية الاحياء الاخرى بالمحافظة؟ اين المسئولون والمهتمون بالتراث والآثار عن هذه المنازل التراثية التي لو حول هذا الحي بأكمله الى حي تراثي لكان نصيبه راجعا في مصلحة البلد. اين ادارة الجوازات عن هذه الاماكن التي اصبحت مأوى للعمالة الآسيوية. فعلينا الانتظار الى سنوات طويلة حتى تلقى هذه الاحياء الاهتمام.
مبان مهملة
أخبار متعلقة
 
طراز جميل هده الزمن