الحمد لله الذي بلغنا شهر رمضان وأتمه علينا، وأسأله تعالى ان يتقبل منا ومنكم صيامنا وقيامنا، ويجعلنا من المقبولين عنده إن شاء الله انه سميع مجيب. أطل عليكم أعزائي وعزيزاتي القراء والقارئات في هذه الزاوية لهذا اليوم، الذي يصادف أحد أيام عيد الفطر المبارك.
وبهذه المناسبة السعيدة، أتقدم لكم جميعا بخالص التهاني وأجمل الأمنيات، وأسأل الله عز وجل ان يعيده علينا وعليكم بالخير والبركة. وأن يجعل أيامنا وأيامكم كلها أعيادا وأفراحا.
ذهب عيد وعاد عيد أعزائي وعزيزاتي، وهأنا أعود لكم في هذه المقالة كعادة كل عيد، لأسأل مرة أخرى نفس السؤال الذي أسأله كل مرة (بأي حال عدت الينا يا عيد).
عدت إلينا يا عيد وأنفلونزا الطيور على أبواب منازلنا، فبعد جنون البقر الذي وقفنا متفرجين عليه ننتظر ما يقرره لنا الآخرون، ها هي أنفلونزا الطيور تقترب من بيوتنا وأصبحت قاب قوسين أو أدنى منا، تهدد ليس طيورنا فقط بل حياتنا، كبيرنا وصغيرنا .. شبابنا وشيوخنا .. نساءنا وأطفالنا، ونحن لا حول لنا ولا قوة ننتظر ما يخبئه لنا الزمن وما يقرره الآخرون لمصيرنا كالعادة.
عدت إلينا يا عيد وما زالت الخطوط الجوية العربية السعودية تعتبر التأخير ربع ساعة عن موعد إقلاع الرحلة هو قمة الانضباطية، ونحن نندب حظنا بعدم وجود شركة منافسة تستطيع وقف استخفافها بنا، وما زالت الخطوط السعودية تعامل مسافريها بمنتهى الاستهتار واللامبالاة، عملا بمبدأ (طنش تعش تنتعش). وإن لم تستحِ افعل ما شئت.
عدت إلينا يا عيد وربط حزام الأمان لقائدي المركبات بدأ يختفي تماما من شوارعنا بعد الأموال التي صرفت في توعيتهم. اختفت تلك المفردة من قواميس قائدي المركبات في مدينة جدة، واختفت كذلك في مدينة الرياض باستثناء عند إشارات المرور وفي شمال الرياض فقط أما شرق وغرب وجنوب الرياض فلا وجود لرجال المرور هناك إلا إذا مرت شخصية هامة، وكأنها مناطق خارج الحدود العمرانية.
جئت إلينا يا عيد وأصبح قطع إشارة في شوارعنا وعلى مرأى من رجال المرور أسهل من كلمة السلام عليكم، إذ أصيب السائقون بعمى ألوان لتصبح جميع الألوان خضراء، فلا مشكلة مادية من دفع الغرامة، ولا سبيل لتطبيق أي عقوبة في حقهم طالما (الواسطة جاهزة).
عدت إلينا يا عيد والوعود بتغيير ملموس في المناهج التعليمية ذهبت أدراج الرياح، فالمواد كما هي كلها حشو لا يستفيد منها الطلاب والطالبات، ولم يتغير شيء سوى ضم كتب التوحيد والفقه والحديث والتجويد في كتاب واحد.
عدت إلينا يا عيد وعاد معك استبداد البريد السعودي لمشتركيه، فبدلا من العمل بفكر القطاع الخاص، وضع شروطا تعسفية لاستمرار المشتركين باستخدام صناديق البريد، مثل رسوم الاشتراك الباهظة، وكأنها خزائن لحفظ الذهب والألماس. وفوق ذلك، حاول البريد السعودي أن يقنعنا بخدمة واصل أي توصيل البريد للمنازل. وكيف يمكنه فعل ذلك بسهولة إذا عرفنا أننا نعاني أصلا من ترقيم المنازل منذ أكثر من عشرين سنة ولم نفلح بترقيمها بشكل عصري ومتطور حتى الآن.
عدت إلينا يا عيد وما زالت وزارة التعليم العالي تضيق الخناق على الخريجين والخريجات وتصر على وضع الشروط التعسفية للقبول في الجامعات، مما اجبر الكثير منهم للالتحاق بتخصصات لا تتناسب مع ميولهم ولا يحتاجها سوق العمل، في الوقت الذي نجد أنه ما زالت للواسطة اليد الطولى في عمليات القبول.
عدت إلينا يا عيد وشمس الغش التجاري لم تغب، وحماية المستهلك تقف كالمتفرج أمام البضائع الرديئة التي اجتاحت اسواقنا، بعد ان اصبح السوق السعودي مرسى لها، خاصة الادوات الكهربائية التي تمثل هدرا للاموال وقنابل موقوتة في بيوتنا ننتظر انفجارها في اي لحظة.
هكذا عدت إلينا يا عيد، عدت الينا ومعاناتنا في الكثير من امور حياتنا تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، وما زلت شخصيا مصابا بالإحباط الذي كنت اشعر به في العيد الماضي، ومازلت مفتقدا آمال التغيير الايجابي والتغلب على السلبيات. ولكن لا تيأسوا من رحمة الله، وسيأتي حتما عيد من الاعياد (لا أدري متى) ، لأكتب عن مشاكلنا التي ولت وانتهت. وما أدري سأعيش لأرى هذا اليوم؟ لا أعتقد.. وكل عام وانتم وبخير.
[email protected] 
