الدعوة الكريمة التي وجهتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لعقد قمة إسلامية استثنائية في مكة المكرمة الشهر المقبل، تحمل في طياتها إيماناً قوياً من القيادة السعودية بضرورة أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة عمل إسلامي حقيقي، يستمر ولا ينفض بتلاوة بيانه الختامي.
توقيت الدعوة السعودية يأتي في وقت حرج للغاية، سواء على الصعيد الدولي وما يواجهه العالم الإسلامي من تحديات تتعلق بتهم الإرهاب الظالمة، وما يتطلبه ذلك من استراتيجية واضحة لتحسين صورة المسلمين لدى الآخرين، وكذلك التحديات التي تواجهها الدول الأعضاء، من حيث قدرتها على العمل المشترك والتنسيق المتبادل، والبروز كقوة استراتيجية واحدة تجمع أكثر من مليار مسلم، يمثلون قوة بشرية لا يستهان بها، ويملكون موارد وقدرات وعقليات لها إسهامها في التاريخ البشري.. إضافة لما تتعرض له بعض البلدان الإسلامية من تهديدات خارجية واحتلال وعدوان.
لا نشك لحظة واحدة في قدرة العالم الإسلامي على النهوض متى ما اتحدت كلمته، واستطاع مواجهة مفاهيم العولمة والديموقراطية والحرية والتعامل معها بشفافية تطلق كوامن الشخصية المسلمة الحقيقية، وهذا ما تحاول المملكة السعي له وتحقيقه بالشكل الذي يمنح العالم الإسلامي صورته الجديدة، أو ما يمكننا تسميته (انتفاضة) لتفعيل العمل المشترك، والقضاء على الخلافات البينية، سواء ما كان منها يعود لتيارات مذهبية، أو مفاهيم تكفيرية، أو أعمال إرهابية.
العالم الإسلامي ـ وعلينا أن نعترف بصراحة ـ يموج الآن بأشياء مخيفة، صحيح ان من بينها إشكالية الالتزام بعقائد الدين الصحيحة، ومسايرة العصر والتعايش معه، وهذه إشكالية لم تكن غريبة، إذ استطاع المسلمون الأوائل التعايش مع الشعوب الأخرى، وبناء عملية تواصل تعتبر الأروع في التاريخ الإنساني كله، ضمن لجميع العقائد حرية الاختيار، والحياة الكريمة في ظل المجتمع الواحد.. والقمة المقبلة فرصة نادرة في أرض التوحيد، للوحدة والاتحاد لكل المسلمين ولخير البشرية.
