بلغت قيمة القروض المقدمة من البنك الدولي للدول النامية في العالم حوالي 22.3 مليار دولار العام الماضي، وذلك عائد حسبما يؤكده خبراء اقتصاديون دوليون الى زيادة عمليات الاقتراض من الدول متوسطة الدخل. وجاءت معظم الأموال التي قامت مجموعة البنك الدولي بإقراضها من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، الذي يحصل على موارده المالية من خلال أسواق المال العالمية. فقد قام بإقراض 13.6 مليار دولار لـ 118 مشروعا من إجمالي 279 مشروعا قام البنك الدولي بتمويلها في العام الماضي.
وقالت منظمات متخصصة ان القسم الخاص بالقرض الميسر في البنك الدولي، وهي المؤسسة الإنمائية الدولية، والتي تمولها مساهمات مباشرة من الدول الغنية في مجموعة السبع، قام بتقديم 8.7 مليار دولار في شكل قروض دون ارباح أو في شكل منح إلى الدول الأكثر فقرا في العالم. وقد غطى هذا المبلغ 161 مشروعا.
ورغم هذه الأرقام الضخمة إلا أن نشطاء محاربة الفقر، الذين طالما انتقدوا عمليات البنك الدولي في الدول النامية، وجهوا انتقادهم قائلين ان زيادة الأموال لا تعني نتائج أفضل في محاربة الفقر في العالم كما يدعي البنك الدولي، خاصة عندما يستمر البنك في ربط قروضه بشروط معيقة قد تزيد الفقر في العالم وتخدم الشركات العالمية على حساب الفقراء والدول النامية. ويقول البنك إنه في هذا العام ارتفعت أيضا جودة القروض وهو ما عزاه إلى إعداد أفضل، وانتقائية أكبر وإشراف أكثر فاعلية. وكان هذا مطلبا طالبت به الولايات المتحدة طويلا، وهي المساهم الأكبر في البنك الدولي ومؤسسته الشقيقة صندوق النقد الدولي. ليتم ربط القروض بالنتائج على الأرض، ومراقبة أفضل لكيفية استخدام الأموال في الدول النامية. ومن إجمالي القروض والمنح والضمانات ذهب 15.7 مليار دولار إلى عمليات الاستثمار، التي تقوم بتمويل مشروعات معينة، مثل بناء الطرق وخطوط أنابيب البترول أو غيرها من البنية التحتية. وقد ارتفعت قروض الاستثمار الآن بنسبة أكثر من 50 بالمائة عن قيمته في عام 2000. في حين وظفت الـ6.6 مليار دولار الباقية لعمليات الإقراض المبنية على السياسات وتلك الخاصة بالسياسة التنموية، التي تهدف إلى التأثير على الإجراءات الاقتصادية للحكومات، مثل الخصخصة وتحرير التجارة. ويؤكد القائمون على البنك ان ما يشجع بشكل خاص هو التحول الذي حدث في اثنين من التوجهات المتراجعة، وهما: معونة البنك المالية إلى الدول متوسطة الدخل، وحجم الإقراض للاستثمار. وقد أعطى البنك نفسه علامات جيدة خاصة بالإقراض واستدل بها على النجاح في تحقيق الأهداف الإنمائية.اذ قال البنك أن القروض المعرضة لخطر عدم تحقيق أهدافها الإنمائية قد تراجعت من 15.9 بالمائة في السنة المالية 2004 لتصل إلى 13.5 بالمائة في نهاية السنة المالية 2005. ويشير الى إن مشروعات "التنمية البشرية" - في التعليم والصحة وغيرهما من القطاعات الاجتماعية - حصلت على نصيب كبير من الإجمالي، مع ذهاب القروض إلى البرامج الوطنية، والتي غالبا ما تتعلق بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي تسعى ضمن أهدافها إلى خفض معدل الفقر العالمي إلى النصف بحلول عام 2015. وردت العديد من الجماعات ومنتقدو البنك قائلين إن قيام البنك بالإقراض ما زال لا يقوم بدور يساعد على تحسين نوعية الحياة لدى الملايين من الفقراء حول العالم، كما توقعوا الفشل في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وقالوا لا يمكن الثقة بهذا على الإطلاق؛ لأن البنك لديه مصلحة خاصة في إظهار فاعلية البرامج، وهي مسألة خلافية حتى الآن . واضافوا إن الفاعلية هي واحدة من الكلمات الرنانة؛ ولهذا فهم يُخرجون الأرقام بالطريقة التي يريدونها، ولذلك ازداد الفقر أو ما زال ثابتا في معظم الدول التي قام البنك الدولي بالعمل فيها، باستثناء أماكن مثل الصين والهند. وطالب الكثير من الخبراء أيضا بمراقبة مستقلة ومراجعة هذه القروض. ولفت مركز معلومات البنك، وهي إحدى الجماعات الخاصة بالمعلومات في البنك بواشنطن: "إنه من المعترف به الآن على نطاق واسع أن الأحجام الإجمالية لقروض ومساهمات البنك الدولي من أجل التقليل من الفقر غالبا ما لا يكونان شيئين متلازمين". مشيراَ الى ان وجود عملية مستقلة يقوم بها طرف ثالث لمراقبة فاعلية التنمية سوف يساعد في تقدير المساهمات الحقيقية التي قام بها تمويل البنك الدولي من أجل التقليل من الفقر". و جاءت الهند في قمة الدول المقترضة بمبلغ 2.89 مليار دولار، تلتها تركيا بـ1.8 مليار دولار، ثم البرازيل بـ1.77 ملياردولار، وجاءت بعدها الصين بـ1 مليار دولار، ثم إندونيسيا بـ917 مليون دولار.
كما جاءت الهند أيضا كأكبر متلقٍ لمعونة المؤسسة الإنمائية الدولية والتي بلغت 1.1 مليار دولار، ثم فيتنام بـ700 مليون دولار، وبنجلاديش بـ600 مليون دولار.
وقد جاءت تركيا كأكبر متلقٍ لقروض البنك الدولي للإنشاء والتعمير والتي بلغت 1.8 مليار دولار، تلتها البرازيل بـ1.77 مليار دولار، ثم الهند بـ1.75 ملياردولار.
إحدى منظمات المراقبة تطالب البنك الدولي وصندوق النقد برفع ايديهما عن الدول النامية والكف عن الترويج لمصالح الشركات الغنية إن هذه الأرقام وحتى هذه التفسيرات حولها تشير إلى أن البنك يتنازل ببطء عن مسألة تقليل الفقر، مفضلا بدلا من ذلك التركيز على الإقراض من أجل مشروعات البنية التحتية في الدول الأغنى نسبيا . وأضافت إن كل المقترضين الكبار من البنك، وهم الهند والبرازيل وتركيا وإندونيسيا والأرجنتين وغيرهم، يمكنهم القيام بالحصول على الأموال من أسواق المال الخاصة، سواء كان لتقليل الفقر أو لأي سبب آخر". أما من ناحية المناطق فقد ذهبت معظم قروض البنك إلى دول أمريكا اللاتينية بما قيمته 5.2 مليار دولار، يتلوها مباشرة جنوب آسيا بـ5 مليارات دولار. كما تلقت أوروبا ووسط آسيا 4.1 مليار دولار، أما إفريقيا فقد تلقت 3.9 مليار دولار، ثم شرق آسيا والمحيط الهادي بـ2.9 مليار دولار، في حين حصل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على 1.3 مليار دولار.
ويقول احد المراقبين إن ما تظهره هذه الأرقام هو أن البنك أكثر فاعلية في نقل الأموال إلى خارجه، لكنه ربما يكون يقدم قروضا أرخص إلى دول لا تستحقها في المقام الأول. وأكد على أن البنك يتراخى في تنفيذ سياساته الاحترازية من أجل أن يكون أكثر جذبا لهذه الدول وهو ما يهدد العالم بمشاريع كبيرة لا ترعى محاذير البيئة مثلا او محاذير الفقر او التأثير السلبي على السكان المحليين.
بينما يرى آخرون إن التركيز الزائد على إقراض مبالغ ضخمة يقوي من وجهة النظر القائلة بأن إدارة البنك الدولي مستمرة في الوقوع تحت ضغوط لكي تقوم بالإقراض أو العمل تبعا لثقافة الحصول على رضا الرؤساء، وإذا كان هذا هو الأمر فإن المسألة تصبح إشكالية تماما.