DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

فاروق شوشة يحلل بنية شعر بدوي الجبل في ندوة دمشق

فاروق شوشة يحلل بنية شعر بدوي الجبل في ندوة دمشق

فاروق شوشة يحلل بنية شعر بدوي الجبل في ندوة دمشق
أخبار متعلقة
 
برعاية وزارة الثقافة السورية بالتعاون مع مؤسسة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري، اختتم مؤخراً بدمشق سلسلة جلسات طوال ثلاثة أيام تحت مظلة الندوة العربية عن الشاعر السوري بدوي الجبل(1905-1981) التي عقدت في دار الأسد للثقافة والفنون. وتضمنت الندوة خمسة محاور في شعر بدوي الجبل، شارك فيها عشرات النقاد والأدباء، المحور الثاني في الندوة ناقش موضوع (الرؤى الفكرية والفنية في شعر بدوي الجبل). شارك في هذا المحور الشاعر المصري فاروق شوشة ببحث حول(البنية الشعرية في قصيدة بدوي الجبل: قصيدة اللهب القدسي نموذجا). شوشة الذي عرف عشرات الأدباء العرب طوال مسيرته الأدبية والإعلامية، فضل أن يتوقف قليلا عند قصة تعرفه بشعر بدوي الجبل قائلا: قدر لي أن أتعرف على شعر البدوي لأول مرة، في زيارتي الأولى لدمشق في يناير من عام 1960 قبل 45عاما لم يكن البدوي معروفا في مصر لكني في الشام حظيت بصحبة أديب وناقدٍ كبير هو سعيد الجزائري وكان دائم التغني بشعر البدوي وظلت قصيدة بدوي التي يترنم بها الجزائري والتي كان البدوي يعيش وقتها الخمسين ويقول:أتسألين عن الخمسين.. (البدوي محير). بهذه العبارة يلج شوشة عالم بدوي الجبل الشعري متكئا على عصى البيان اللغوي الذي يتميز به شوشة عند الإلقاء والخطابة، ويضيف الشاعر المصري مرتجلا: ومتعب وهو السهولة المنقطعة، أي السهولة التي لا تحاكى ولا تقلد، لذلك يظنه أدعياء الشعر أو الذين لم يؤتوا حظا من الوعي الشعري، أنه يمكن صناعة أكثر من بدوي وإن مات. إنها السهولة الممتنعة التي يظن الجهلاء أنهم يحصلون مثلها لكنهم لا يستطيعون. ويحاول شوشة أن يجيب على سؤال الفرادة عند البدوي متسائلا: ما الذي جعل من هذا الشاعر في قلب كوكبة زمانه (الشعراء الكبار في سورية والعراق ولبنان ومصر..). وتساءل شوشة ما الذي جعله نغما مختلفاً؟. ما الذي جعل بدوي غير شوقي وأبي ريشة والجواهري؟ هل هي النشأة أم التكوين؟.هل جينات الشاعر؟هل هو موقفه من الشعر العربي؟ .هذه الوقفة التي فيها فيما أرى جدلية العلاقة بين الموروث الشعري من ناحية والتحديث والمعاصرة من ناحية أخرى.غير بدوي- من الشعراء- يحول العصور الشعرية إلى طبقات كالطبقات الجيولوجية، العصر الجاهلي، الإسلامي، الأموي.. وأنا أقرأ وأضيف وأراكم ومن خلال عملية المراكمة يتكون بناء معرفي شعري يضمه الشاعر دوره ومسؤوليته. ويعلق شوشة قائلا: أظن أن البدوي لم يكن يفعل هذا الصنف. البدوي كان في حال جدل مع الموروث الشعر وحال الجدل تستوجب موقفا نقديا فاحصا متخيرا مدركا لعناصر الاتصال وفي مواجهتها عناصر الانقطاع. من هنا كانت عبقرية البدوي أنه كان المتصل المنقطع، المتصل لأنه لم يخرج عن فضاء الشعر العربي ولا عن أفقه أو قوانينه ولا عن أسس بناء قصيدته. ويبرز شوشة بؤرة الانقطاع عند بدوي قائلا: لكنه المنقطع لأنه لم يكن كغيره فلم يكن تكرارا لعبقرية شعرية سابقة؛ بالرغم من أن في بعض شعره لمعاً كما تفضل د.عبد الكريم الأشقر، إلى ما يمكن أن نجده من شعر أبي فراس والمتنبي وحاتم الطائي. ويتوقف شوشة مستشهدا ببيت لحاتم الطائي: (لأن البيت المحفور على قبر بدوي يضم نصف بيت لحاتم الطائي). يقول بدوي: سيبقى من المرء الأحاديث والذكرُ/ تقابلها عند الطائي:أموي ما يغني الثراء عن الفتى..وضاق بنا السطرُ/. ويصحح شوشة مستعينا بالتناص عند ما بعد البنيوية قائلا: ولكن لا أعتبر هذا نقولا أو تراكما لأن درس التناص الذي سنستمع إليه.. سيكشف أن البدوي كان يفعل ذلك عن عمد ومن قبيل التحدي والمقابلة. يستشهد شوشة ببيت آخر لبدوي الجبل: إذا كان هناك في الماضي كريم بمالهفأنا الكريم بشعري!.أي الكرم عند بدوي بالفكر والمعرفة والإبداع وليس ما يفعل الأغنياء. ويواصل شوشة شرحه فكرة الانفصال والاتصال عند البدوي قائلاً: إذا كانت فكرة الاتصال والانقطاع الذي سيترتب عليها - كما تفضل د.نذير العظمة - بفكرة الأصالة والحداثة، هي أمر عند البدوي مختلف تماما عن غيره من الشعراء. ويشير شوشة إلى ما يتداوله البدوي من مفردات، قائلا: معجم البدوي مختلف ويحتاج إلى دراسة مستقلة، المعجم الشعري البدوي في معظمه، معجم روحي، ديني. وسأجد هذا في قصيدته اللهب القدسي. وينتقل شوشة إلى البناء الشعري عند البدوي:( في بناء القصيدة يبني البدوي هرما ذا قاعدة صلبة.. مثلما كان يقال عن بعض قصائد المتنبي) ويواصل شوشة: تحمل قصيدة بدوي كثيرا من طوابق الشعر دون أن تضعف أو تهتز، البناء يبدأ من قدَرٍ من الأبيات، يجعلها البدوي نقطة استكشاف، لكي تدهش وتفاجئ القارئ أو المستمع ولذلك البدوي كما صرح ذات مرة (يبدأ دائما من نقطة الدهشة) يعرف ما يتوقعه القارئ أو المستمع، فيغير البدوي ويخالف القارئ بهذه البنية الشعرية الرصينة المتماسكة. هنا يكسو شوشة شعر البدوي بميزة تثير كثيرا الأسئلة خصوصا عند متذوق الشعر، يقول شوشة: البدوي خالف كل شعراء عصره الكبار في أن البدوي لم يضحك على قارئه أو مستمعه بنثره ما يسمى بأبيات القصيد. في سياق قصائده، كي تستحوذ على إعجاب أو تصفيق. يضيف شوشة: الكثيرون-عن عمد- كانوا يبنون قصائدهم هكذا.. كما لو أننا حللنا الكثير من قصائد الجواهري وشوقي وأبوريشة، لوجدنا بين ثنايا القصيدة، عقب كل سبعة أو أقل أو أكثر من الأبيات، ثمة بيت يعلم الشعراء أنهم سيقفون عنده وستدوي الأكف بالتصفيق. ويعطي شوشة مثالا على بعض أبيات أحمد شوقي.. ومن ذلك يقول شوشة: البدوي كل قصيدته أبيات قصيد فلا مجال لأن يتوقف عند البيت السابع أو غيره. نحن نحس أن هذا العقد المنظوم جميع حباته تستحق التقدير والإشادة. ويصل شوشة إلى قصيدة (اللهب القدسي) التي اتخذ منها نموذجا للبحث، ليقول: فيما يتصل بقصيدة اللهب القدسي هي في رأيي قصيدة قصائد البدوي. ود.نذير العظمة كان محقا عندما قال إن قصائده العاطفية أروع بكثير من قصائده الوطنية.. وأنا أؤيده باختلاف يسير، هو أن قصيدة (اللهب القدسي) ليست عاطفية! وإنما هي قصيدة مشحونة بكل اهتمامات البدوي، إذ أن ظاهرها عاطفي، أما جوهرها فهو إنساني، وبالتالي غمزات البدوي وتهكماته الساخرة وتعليقاته على الأشياء وعلى الاشخاص. وتظاهره أحيانا بانه ينسج بناء؛ كل هذه الحيل الفنية تجعل من هذه القصيدة درة درره وقصيدة قصائده! ويختم شوشة مداخلته بالإشارة إلى مسألة التثنية في شعر البدوي:(تطرق إلى مسألة التثنية في شعر بدوي الجبل كما هو قديما في شعر أمرؤ القيس، انظروا إلى قصيدة البدوي إلى هذه التثنيات الهائلة التي رددها باطلاقاتها..العرب مغرمون بفكرة التثنية وأعتقد أنها أساءت كثيرا إلى العقل العربي لأنها جعلتها في مواجهة بعضها البعض(الدنيا/الآخرة،العلم /الدين)...البدوي حل هذه المعضلة، جاءت ثنائيات البدوي في شعره وقصائده، حلا فنيا بديعا. وجاءت المداخلات لتثري الورقة التي قدمها الشاعر فاروق شوشة على الرغم من بعض الاختلافات مع حيث شارك في الجلسة التي ترأستها د.هدى أبو غنيمة، د.عبد الكريم الأشتر والشاعر علي عبد الكريم.