جاءت قرارات المجلس الوزاري لدول التعاون الخليجي الذي عقد اجتماعاته بالرياض مؤخراً، تأكيداً على أن سيرة المجلس ستظل عملاقة، كما رسمها القادة، وكما تطمح إليها الشعوب، وأكدت مرة ثانية بما لا يدع مجالاً للشك، ان إرادة الشعوب والقادة، هي وحدها القادرة على دحض الشائعات ورد الافتراءات إلى كيد مروجيها.
ولعلنا هنا، كمواطنين ننتمي لهذا الكيان الشامخ، نتأكد يوماً بعد يوم، ان ما صنعه الآباء سيظل في أيدي الأبناء والأحفاد، علامة على أن وحدة شعوب المنطقة لا تتجزأ، وأن ما يجمعها أكبر بكثير من أي مصالح قطرية ضيقة، وأن الصالح العام للأشقاء والأخوة الخليجيين هو الهاجس الذي تعمل القيادات على تحقيقه ليس فقط فيما بينها كدول مستقلة ذات سيادة، إنما ككتلة اجتماعية واحدة تنصهر فيما بينها مشكلة نسيجاً متوافقاً ثقافيا ولغويا وحضاريا.
وهنا يبرز الحدث الذي شد انتباه المحللين في اجتماعات المجلس الوزاري الأخير أول أمس، إذ كان التركيز على القضايا الاجتماعية التي تهم المواطن في بلدان مجلس التعاون، وضمان حرية حركته وحرية رأس المال في التنقل بين بلدانه محوراً خصباً انتهى بالسماح للخليجيين بمزاولة مهن ما داخل دول المجلس، بمثابة صهر للإرادة الخليجية وتناغمها، وإضفاء طابع المواطنة الذي يشعر به الخليجي في أي من بلدان المجلس، ليتجسد في أنشطة اقتصادية واجتماعية تزيد من اللحمة والتعاون بين أبناء دول مجلس التعاون، وتؤكد لهم ان كل التسهيلات مقدمة لهم، تأكيدا جديداً على البعد الجغرافي المشترك، كما هو البعد الاجتماعي المشترك.
كذلك الاشتراك في تصحيح البنية التعليمية، وتعميق ما نسميه المواطنة الخليجية من خلال البطاقة الموحدة لتسهيل الانتقال وكافة أشكال التعاون الأخرى، تعتبر لبنات مهمة في المسيرة التي بدأت قبل ربع قرن تقريبا، وكان لها الأثر الكبير في تلافي سلبيات نماذج مماثلة من المجالس التي تهاوت وانقرضت.
