مع دخول لبنان مرحلة جديدة في تاريخه، عبر الانتخابات الجارية حالياً، يبدو أن هناك من لا يريد الاستقرار لهذا البلد، أو أن تتم العملية الانتخابية ـ مهما كانت الآراء حولها ـ بسلام.
كلنا نعرف أن جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، هزت العالم كله وليس لبنان فقط، وكلنا نعرف أن المجرمين وإن نجحوا في التخفي حتى الآن، إلا أن الإصرار الدولي على معرفتهم ومحاسبتهم يزداد بقوة، وكلنا ندرك أيضا أن طبيعة الفسيفساء اللبنانية، وما تعنيه من شراكة كاملة وضرورية بين طوائفه وشرائحه هي التي ستحدد إلى حد كبير مستقبل هذا البلد الشقيق.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذل لاحتواء آثار اغتيال الحريري وإعادة حالة السلم التي قادها الراحل على الأرض من خلال المشاريع الإعمارية والتنموية، إلا أن الاحتقان مازال يسيطر على الشارع اللبناني الناقم على الجريمة، وهو الاحتقان الذي وقف بجانب الوريث السياسي للحريري ودعم لائحته الكاملة في انتخابات بيروت، وهو ما يرضي بعض الأطراف السياسية.
وللأسف، عادت أشباح المفخخات مرة أخرى، لتطال هذه المرة وجها إعلاميا مميزا، فتهز لبنان، وتؤكد أن الفتنة تطل برأسها بعد أشهر قليلة، وأن الأصابع الإجرامية قادرة على تحويل الخصومة السياسية في الرأي أو الفكر.. إلى قنبلة موقوتة تطال الحياة نفسها، بخسة ونذالة.. فسياسات التصفية والاغتيال عبارة عن ضعف فكري، وخواء نفسي، يلجأ للأساليب القذرة خوفا من المواجهة ومقارعة الحجة.
نحن نرى بوضوح، أن لبنان في أخطر مراحله، وعلى أبنائه مهما اختلفوا أن يتفقوا على وحدة بلدهم، ووحدة قرارهم، لا أن يفتحوا الباب لشياطين جهنم لتعبث بأرواحهم وبوطنهم بمفخخة لن تعيد سوى الحرب الأهلية المريرة والمخجلة.