DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الشيخ محمد الصفار

الشيخ محمد الصفار

الشيخ محمد الصفار
الشيخ محمد الصفار
أخبار متعلقة
 
الصراع بين القيم الشرقية والقيم الغربية إن صحت التسميات وعبرت عن مداليلها-عنيف وشرس، والاهتزازات التي تعانيها المجتمعات العربية والإسلامية جراء هذا الصراع امتدت لتشمل تفاصيل الحياة الاجتماعية، فالأكل والشرب واللباس والسكن و طريقة البناء وصياغة العلاقات الأسرية والاجتماعية كلها في مرمى نيران القيم الغربية الزاحفة والمدججة بوسائل الإغراء والانفلات بلا رادع أو ضابط أو ميزان. لقد استطاع الغرب أن يبشر بقيمه الاجتماعية، وأن يعولم نمط العلاقات الأسرية والعائلية التي يراها على شعوب العالم، لتصبح حسب رأيه مقياسا لصحة العائلة وضمان حريتها وسلامة علاقاتها. وليس ذلك غريبا أن تبشر كل منظومة فكرية أو عقدية أو غير ذلك بقيمها وتصوراتها ورؤاها، إنما الغريب حقا أن تساعد الشعوب على نفسها وأن تنقلب ضد قيمها ودينها. فبعد أن تمكن الغرب من إخضاع دول الشرق لهيمنته السياسية والعسكرية، وجعلها تهرول وراءه اقتصاديا طلبا للقروض والمنح والدعم، اتجه بقوة إلى نزع السلاح الذي تتمترس به شعوبها، وهو مجموعة من القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والروابط الأخلاقية التي تصوغ علاقة المجتمع ببعضه وفق الضوابط الدينية. لقد عمد في صراعه السياسي والعسكري والاقتصادي إلى الاستفادة من نقاط الضعف في كل جانب من الجوانب، فشخّصها بدقة ثم راح يوسعها حتى كبر الخرق على كل محاولات الإصلاح والترقيع، لتتحول خططه إلى واقع متجذر يجرف الجميع بعنف نحو قيم السيد المهيمن ومعاييره الجديدة. ولن يختلف أسلوبه كثيرا من حيث المبدأ في حربه الضروس للهيمنة على عادات وأعراف وأخلاقيات المجتمعات والشعوب العربية والإسلامية، وسيتسلل إلينا من نقاط الضعف والهفوات البسيطة، ومن خلال الغفلة وعدم الاكتراث بما يجري في مجتمعنا من ظواهر. إن واحدة من أهم المفردات وأخطرها على الوضع الاجتماعي والأسري تحديدا هي عدم الشعور والإحساس بالوضع النفسي والحاجات الضاغطة على الشباب والشابات، وعدم التفكير العائلي والأسري الجاد في سبل إشباعها بالممكن والمسموح في إطار الشرع وضمن الضوابط والأعراف الاجتماعية. ولقد ساعدت ثقافة العيب ومرض الخجل الخارج عن الحد، وسياسة المنع الدائم، والاكتفاء بالوعظ والإرشاد "هذا حلال وذاك حرام" دون القدرة على الفهم لحالات القلق والاضطراب والتعب التي تسببها ثقافة الآخر على أجيالنا وشبابنا وتأثيرها على ضياع أسرنا وأولادنا وارتمائهم في أحضان الآخر وألاعيبه. فنحن لم نعتن بتوفير الإشباع البديل والمناسب لتلك العواطف والأحاسيس، بل سعينا إلى ضغطها وكبتها وتسخيفها والاستهزاء بها. على الجانب الآخر سهل الغرب مغرياته وذلل سبل الوصول إليها، ورفد ساحتنا الاجتماعية والشبابية ببدائله الغريزية بعد أن نظّر لها، واجتهد في تقريبها للأذهان وتحبيبها للنفوس وبعد أن وجد الأرضية خصبة ومناسبة, والشباب مهيئا ومتعطشا لما يرويه ويشبعه، وإن كان إشباعا واهيا ووهميا. إن سن المراهقة سن حساس وبالغ التأثر بالأشياء مهما صغرت، فحين يفرح ويحب يسلم نفسه لفرحه وحبه دون حساب، وحين يغضب وينفعل تصبح الحياة في نظره سجنا والأعراف قيودا لا يطيق تحملها، وحينها لا يفكر في عواقب الأمور، ونتائج التصرفات التي يندفع للقيام بها تفاعلا مع فرحه وسروره أو غضبه وسخطه. وهم الإشباع: حين تفتقر الأسرة بكل مكوناتها إلى إشباع العواطف ضمن الإطار العائلي والأسري تتجه النفس عادة إلى الاشباعات البديلة، وتتأثر بها دون أدنى تردد، ومن ذلك الاستقبال المرهف للكلمات المعسولة وألفاظ الحب وعبارات الصداقة والود، إن أذن المحروم منها تستفيق على موسيقى هذه الألفاظ الناعمة فتستعذبها وتطرب النفس بها، وتحاول الاستيثاق من صاحبها بإعادة سماعها، فلا تسعها الدنيا، بل تتعطش لسماعها مرة أخرى، وإن علمت أن صاحبها كاذب خادع متله. لقد جرفت الكلمات المعسولة والألفاظ الناعمة الكثير من الفتيات، فسلمن زمام أمورهن لتلك الكلمات الخادعة، مع أنهن سمعن الكثير من التحذير والنصائح فيما يرتبط بالاستغلال السيئ للعواطف، وعرفن الكثير من القصص والتجارب التي جرّت الندم والحسرة والخسارة. انه الجوع والحرمان رضينا بذلك أم تعالينا، وفي هذا المضمار يصر كثير من أطباء العلاج النفسي على أن كلمات الغرام والغزل التي يلقيها الشباب اللامسؤول هي المصيدة الأكثر إيقاعا بفرائسها وأخذهم نحو المجهول، واستبقائهم في دوامة لا يستفيقون منها إلا بعد أن يفقدوا كل شيء وأغلى شيء. ويدخل في الاستمتاع بالكلمات الرومانسية الاستخدام السيئ للوسائل الحديثة مثل التلفون والانترنت، حيث يعيش الشباب أحلامهم على شاشات الكمبيوتر، ليؤججوا مشاعرهم الملتهبة والمحرومة على أمل أن يتطور ذلك إلى ما لا تحمد عقباه. يلي هذا النوع من الإشباع الموهوم، المناظر التي تبثها الفضائيات بروح بهيمية وحيوانية، أقصد بذلك الأفلام واللقطات الجنسية الفاضحة، إن هذه الفضائيات هي الأكثر متابعة على مستوى العالم والأكثر جذبا لأجيال الشباب، ومع أن أغلبها ليس مجانيا بل مدفوع الثمن إلا أنها تستقطب أعدادا هائلة من الناس بإغرائها وإغوائها لهم. وقد تسأل أليس من الصعب أن نواجه هذا الإعلام المستهتر بقيمنا وأعرافنا؟ وأجيبك هو صعب لكنه ليس محالا، ففي مصر ولبنان وتركيا تربت أجيال مؤمنة ومتدينة مع ما في هذه الدول من الانفتاح الواسع جدا، وفي عقر دار البلاد الغربية تربي بعض عوائلنا وأهلنا أسرا وشبابا يذهل الإنسان حين يرى ما هم عليه من الخلق والنزاهة والتدين. نحن إذا نحتاج إلى عناية وتوجه لأبنائنا ومعرفة دقيقة بأساليب ذلك كي ننفذ أمر الله تعالى*قوا أنفسكم وأهليكم نارا*.