DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

حاتم الصكر

القصة سهلة ولا يوجد تراث روائي في اليمن

حاتم الصكر
حاتم الصكر
تثيرهيمنة الشعر والقصة القصيرة على المشهد الثقافي اليمني اهتمام النقاد اليمنيين والعرب، فهل فرض هذا الانحسار الروائي التحولات المعاصرة؟ ولماذا افتقد المشهد الإبداعي الرواية التي تعد الجنس الأدبي الأكثر حضورا على المستوى العالمي ؟ وثمة من يرى أن ندرة الروايات كجنس أدبي مكتوب في الأدب اليمني شأنه شأن الأدب العربي عموما يشكو سيطرة الشعر والقصة والقصيرة والأقصوصة، لكن الحال يبدو أكثر تعقيدا في اليمن ،فعدد الأعمال الروائية التي ظهرت على مدى 60 عاما لم يتجاوز الأربعين رواية منذ صدور أول رواية يمنية لمحمد على لقمان بعنوان (سعيد) عام 1939. يقول الدكتورعبد العزيز المقالح رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني: لا يزال الشعر هو المسيطر الأكبر على ميدان الإبداع الأدبي في اليمن وغيرها من الأقطار العربية.. وهذه الإشكالية ليس لها علاقة بالشعر ذاته باعتباره فن العربية الأول والأعمق جذورا في الثقافة العربية، بل يتعلق بالظروف اليمنية والعربية عموما وما يكتنف الواقع الراهن من قلق واضطراب يتطلب سنوات لتمثيل جوانبه الفنية والفكرية في عمل روائي يتسع لكل هذه التفاصيل . انحسار الروائي في قراءة للمشهد الروائي اليمني يرى محمد حسين هيثم رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن نمو وظهور القصة القصيرة في اليمن كان طبيعيا، لكونها توأما للشعر، في حين أن الرواية في اليمن لا تزال فنا جنينيا يتلمس خطاه، وليس لها تاريخ عريق ولم تترسخ بعد في الواقع الثقافي اليمني. ويشير هيثم إلى أنه حتى نهاية عقد الثمانينات لم يكن للرواية سوى حضور محدود يكاد ينحصر في عشرة أعمال روائية، في حين كان هناك إنتاج غزير في الأعمال القصصية الشعرية،وربما ذلك يعود إلى أن القصة القصيرة فن يعتمد على الإلهام والتقاط اللحظة وكتابتها،أما الرواية فإنها عمل يحتاج إلى تخطيط وتأسيس، وليس مرسخا كتقاليد في اليمن. وهناك إشكالية مهمة في غياب الرواية اليمنية تتعلق بأن الأديب اليمني عندما يكتب الرواية يأتي إليها من مواقع أخرى ،مثل الكتابة السياسية أو التاريخية أو القصة القصيرة أو الشعر،فالروائي اليمني لم يتأسس بعد لأن يكتب الرواية فقط ..ومازال الكثير من كتاب الرواية هم في الأصل شعراء وكتاب للقصة القصيرة أو باحثون في المجال التاريخي والفلسفي. يعتقد الأديب الناقد هشام شمسان أن الحضور الطاغي للقصة القصيرة يعود إلى سببين الأول متعلق بالقصة نفسها، لكونها (الأسهل نشراً والأكثر تداولاً وحميمية بين القراء) والثاني بالقارئ لكونه (يحيا في زمن مغاير وفي عصر مثقل بالأحمال والقلق والتوتر، وفي زمن وعصر أنتجا قارئا عجولاً يحب الهرولة معظم يومه ولا وقت لديه للجلوس على مائدة القراءة لساعات طوال). ويرى شمسان أن اليمن لا يزال يعيش في عصر القصة القصيرة خلافا لما يروجه الآخرون من أننا نحيا عصر الرواية ،ويقول إذا رصدنا المجموعات القصصية الصادرة منذ سبعينيات القرن الماضي حتى عام 2001 ، سنلاحظ ان نتاج ما يسمى (التيار التسعيني) في اليمن فاق مجموع ما أنتج على مدى ثلاثة عقود،مما يعني أن الزمن الأدبي في اليمن زمن القصة القصيرة ،لا الرواية . على المستوى العام يشرح هشام شمسان إشكاليات عديدة مترابطة تسببت في تراجع جنس الرواية وحضور الأشكال الأخرى، منها انحسار الروائي المتخصص، ورفض الكتاب الشباب للرواية بمفهومها الواقعي الذي كان سائدا في السبعينيات، ناهيك عن التهيب من كتابة الرواية الحديثة، لاسيما المتخلصة من متعلقات السرد كالحبكة والعقدة والشخوص الثانوية والجاعلة من الوعي منطلقا للكتابة الروائية، وأخيراً الاستشعار بأن ثمة نوعا من القص يطغى على الرواية كتابة وقراءة، فيكون الاتجاه إلى القصة القصيرة عند المؤلف من باب أولى). ويشير الدكتور حاتم الصكر أستاذ النقد والأدب العربي الحديث بجامعة صنعاء إلى أن ثمة أسبابا عديدة وراء محدودية الأعمال الروائية، منها قصر نفس الكاتب وانعدام الموروث الروائي المحلي، وانقطاع اليمن عن الثقافة العربية والعالمية خلال هيمنة الحكم الإمامي على شمال اليمن والاستعمار البريطاني على جنوبه. يؤكد الدكتور صبري مسلم عميد كلية الآداب بجامعة ذمار أن الأجناس الأدبية لا تأتي إلا لحاجة فنية وسباق حضاري واجتماعي، وهو ما يفسر الحضور الطاغي للقصة القصيرة والقصيرة جدا والأقصوصة..ولعل ما يطالعنا في واجهة مثل هذا الموضوع احتياجات الصحافة والمجلات ووسائط الإعلام والنشر الأخرى إلى مزيد من القصص القصيرة ذات الحجم المناسب، الأمر الذي يؤدي إلى كثرتها إلى حد التكريس.ويوضح الدكتور مسلم أنه قياسا إلى ما تحتاجه الرواية من مساحة، فإن القصة لا تحتاج إلا إلى مساحة ضئيلة نسبيا لا تتعدى زاوية أو عمودا قصيرا ضمن صفحات جريدة أو مجلة.إضافة إلى عامل آخر متعلق بـ (الأناة والصبر) اللذين تحتاجهما الرواية، ناهيك عن ضرورة إخراجها في كتاب مطبوع إذ من غير المجدي للقارئ وللكاتب تقسيمها إلى حلقات في صحيفة أو ملحق ـ وهو أمر قد يتطلب جهة تتبناه أو وضعا ماديا مرتفعا للروائي، وهو ما يندر تحققه للروائي الفنان. وهناك عوامل ترجع إلى خصوصية الإبداع الروائي ذاته..إذ إن خصوصيته تتطلب صبرا من نمط خاص، بل تحتاج إلى مزاج روائي، إذا صح التعبير. وإذا كانت سجية الفن الروائي تعتمد على الكاتب فإنها لا تنسج خيوط تواصلها مع القارئ بشكل مضاعف..وليس من السهل استدراج القارئ المتعجل إلى عالمها ،بخلاف القارئ المتفحص الذي يسعى إلى استبطان العمل والنفاذ إلى أعماقه، فإذا كانت قراءة القصة القصيرة جدا تحتاج إلى لحظات فقط فان القصة القصيرة عامة تقرأ في دقائق، في الوقت الذي تتطلب الرواية التفرغ ساعات أو أياما لكي تستوعب عالمها، وإن كنت تود أن تقرأها قراءة نقدية فإن ذلك يتطلب زمنا مضاعفا . الرواية عربيا تختلف رؤى النقاد والأدباء فيما إذا كانت هذه الإشكالية يمنية أم عربية، فالبعض يرى أن الوضع يكاد يكون متشابها مع بعض الأقطار العربية التي لم تستطع بعد اللحاق بركب الرواية كما هو حاصل في مصر وسوريا ولبنان على سبيل المثال . يقول محمد حسين هيثم: إن الرواية لها حضور هائل في المشهد العربي، فمثلا في مصر تكاد تكون الرواية النوع الأدبي الأول، ولها حضورها الذي يتوازى مع حضور الشعر، وأسماء الروائيين في مصر كبيرة.. والحال نفسه في المغرب حيث الرواية حاضرة بشكل لافت ويكاد الروائيون هناك ينافسون الشعراء في الحضور. ولا يختلف الحال في سوريا، فهناك نهوض هائل للرواية كثيرا ما يتوازى مع الشعر، وما ينجز من أعمال ورائية يتفوق أحيانا على الشعر.. والحال بالتأكيد يختلف نوعا ما في اليمن وبعض الأقطار العربية المشابهة ،لأن هذه البلدان تعاني إشكالية النهوض. ويشير هيثم إلى أن الرواية هي الفن السائد في العالم، وتكاد تكون ديوان الإنسانية.. فهي النمط الأكثر رواجا في العالم.وبالنسبة للقارئ العربي فهو يتابع باهتمام قراءة الرواية أكثر مما يقبل على قراءة الفنون الأخرى، كون الرواية تتميز بالكثير من المميزات الخاصة، وفيها الكثير من المغريات التي تشجع على المتابعة ، ففي الرواية تلقى الشعر والقصة القصيرة وفن السينما والمسرح وكل التقنيات الفنية الأخرى، فالرواية تتعامل مع الحياة بكل تفاصيلها على عكس القصة . وحول ما إذا كان القارئ يمكنه الاكتفاء بالقصة القصيرة كبديل لغياب الرواية يرى الدكتور صبري مسلم استحالة أن يحل جنس أدبي محل جنس آخر لإكمال الفراغ البادئ في صورة المشهد ..(فالرواية والقصة القصيرة جداً كل واحدة منهما متفردة بخصائص مميزة، بحيث لا يعوض جنس منهما الآخر، بل إن الأفق القصصي الصحي يحتاج إلى كل تلك الفنون).
هشام شمسان
أخبار متعلقة
 
حسن هيثم