DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

عيسى الانصاري

عيسى الانصاري

عيسى الانصاري
عيسى الانصاري
أخبار متعلقة
 
نبدأ من الثانوية العامة كونها تشكل المرحلة الانتقالية للشاب من المدرسة الى المجتمع الخارجي سواء الجامعة او سوق العمل. ان اول معضلة تقابل التعليم الثانوي في العالم العربي هو النمو المتزايد للداخلين لهذا التعليم يقابله شبه غياب تخطيطي لاستيعاب هذه الاعدادمما ادى الى قيام الجهات ذات العلاقة بافتتاح المدارس في مبان مستأجرة اضافة الى زيادة اعداد الطلاب في الفصل الدراسي الواحد يقابله زيادة في العبء التدريسي على المدرسين مما ادى بالطبع الى ضعف جودة المخرج والذي ينتقل بدوره الى مؤسسات التعليم العالي والتي تعاني من ضعف هذه المخرجات سواء من حيث المواد العلمية او القدرات الشخصية. وللمناهج دور كبير في تدني مستوى التعليم الثانوي في العالم العربي اذ انها تصاغ على شكل حقائق ومسلمات فلا يجد المعلم امامه سبيلا لتعليمها الا من خلال التلقين وينعكس ذلك على الطالب والذي بدوره لايجد وسيلة لتعلمها الا من خلال الحفظ. ولايجد التربويون طريقة للكشف عن مدى تعلمهامن الطالب الا عن طريق الاختبارات الجامدة التي لاتستثير فكر الطالب. ولقد ظلت اساليب تنفيذ هذه المناهج لسنوات طويلة جدا تعتمد على الالقاء من قبل المعلم والاستقبال من قبل المتعلم (التلقين). هذه الوسيلة التي تحرم الطالب من ملكات التحليل والاستنتاج والتفكير والحوار او الاخذ بالرأي السليم. وهذا ما جعل الكثير من مخرجات التعليم الثانوي لايملكون القدرة على الحوار او اقناع الآخر بل اصبحوا وكأنهم اجهزة استقبال رئيسية تفتقر الى ابسط القدرات المطلوبة في هذا العصر الحديث سواء تلك التي تعينهم على الالتحاق بالجامعة او التي تؤهلهم على الانخراط بالوظائف البسيطة المتاحة بسوق العمل السعودي المتخم بهذه الوظائف التي لاتجد من يشغلها ويقبل عليها الوافدون بأعداد كبيرة. اذا انظمة التعليم في العالم العربي تساعد على تفاقم مشكلة الباحثين عن عمل بطريقة غير مباشرة ومن خلال ضعف الجودة في المناهج الدراسية واساليب تنفيذها. اسلوب التنفيذ هذا يتضح ان المعلم اصبح هو قلب العمل التعليمي ومضمونه الاساسي والمسئول عن التنفيذ مع تغييب كامل لدور الطالب في عملية التعلم. اضافة الى ذلك ساعد هذا الاسلوب على اقتصار عملية التعليم في البيئة المدرسية دون غيرها حتى وصل الامر الى حد بان التعلم لدى الطلاب يتوقف عند مغادرتهم لمدارسهم وما اتلاف الطلاب لكتبهم الدراسية بشكل غير مرضي بعد الانتهاء من اداء اختباراتهم في بعض المجتمعات العربية لهو خير مثال على ذلك. لقدتحولت مدارسنا الى بيئات تدريسية يقوم المدرس من خلالها بنقل المعلومة الى الطالب دون تدخل منه ليتعارض ذلك مع التوجهات الحديثة في تكوين بيئات تعليمية تجعل من كل مكان بالمدرسة وغيرها اماكن للتعلم. اذ لازالت المناهج الدراسية للتعليم العام والمرحلة الثانوية على وجه التحديد قائمة على اساليب تقليدية. لاتساعد قطبي عملية التعليم (المعلم - الطالب) في استثمار قدراتهم من اجل شحذ هذه العملية حيث لازالت تتحدث عن أهداف سلوكية محددة لكل مادة دراسية يندرج تحت كل هدف موضوعات محددة ليقاس في نهاية المطاف مدى استيعاب الطالب لهذه الموضوعات وتحقيقه للاهداف السلوكية من خلال اداء قياس واحدة وهي الاختبارات لتنتهي العملية بعد ذلك. ان تحديد اداء قياس واحدة (الاختبارات) جعل من المعلم والطالب علىحد سواء يعملون سويا لحصول الطالب على درجات عالية كونها كما يعتقد بعض المدرسين تضفي سمعة تربوية لهم وان مثل ذلك مؤشر على تحقيقهم للاهداف السلوكية للمادة وفي نفس الوقت يعتبر مكسبا للطالب الذي سينتقل الى المرحلة التي تلي المرحلة التي يدرس فيها لينتهي بذلك كل ماتم تحصيله في المرحلة. نتطرق الىمعضلة تشكل علاقة قوية مع الموضوع الرئيسي لهذه المقالة وهي مسألة تمهين التعليم الثانوي هذه مشكلة رئيسية في ظل تزايد اعداد مخرجات التعليم الثانوي ومحدودية الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي في العالم العربي اذ نتج عن ذلك بقاء اعداد كبيرة من خريجي الثانوية العامة خارج اسوار هذه المؤسسات. ويرغب بعض هؤلاء الخريجين ونتيجة لظروفهم الاقتصادية الحصول على وظائف بسيطة قد تكون متاحة بالسوق ولكنها تتطلب مهارات ومعارف لايمتلكها هذا الخريج فبالتالي ينضم هؤلاء الى اعداد العاطلين. لازالت السياسة العامة للتعليم الثانوي في معظم البلدان العربية والتي تعكسها المناهج الدراسية تغرس مفهوم التعليم الجامعي لدى الطلاب. اذ يعتقد اغلب الطلاب بان التسلسل الطبيعي بعد المرحلة الثانوية هي الجامعة مما شكل ضغطا على مؤسسات التعليم العالي ولقد ساعد في ذلك ضعف عمليات الارشاد والتوجيه المهني وعدم الاهتمام بها وكأنها خدمة تربوية مساندة تقدمها المدارس لطلابها. ونتيجة للطلب المتزايد على التعليم بكافة مراحله قابله طلب على المعلمين في كافة التخصصات سواء الذين يتم التعاقد معهم من الخارج او من المواطنين. لقد تم اغتيال التعليم التعاوني في مدارسنا بالعالم العربي نتيجة لحتمية المناهج الدراسية القائمة واساليب تنفيذها المعتمدة على اسلوب التلقين اذ نشأ جيلا اتكاليا يمكن اقناعه بسهولة في تنفيذ ما يطلب منه دون تخمين او تحليل للمعلومة الواردة من الآخر. ومع التطورات السريعة التي يشهدها العالم والذي انتقل الطالب معها من حقبة الاتكالية على المعلم ومرورا بالاعتماد على النفس الى ان وصلت الى اسلوب التعليم التعاوني والذي نفتقره في مدارسنا لأسباب عديدة منها زيادة اعداد الطلاب وضعف تأهيل المعلمين وزيادة اعبائهم الدراسية وعدم ملائمة البيئة المدرسية من مبان وتجهيزات. نحن لانريد جيلا يعتمد على الآخرين في تسييره وايضا لانريده مستقلا يعتمد على نفسه بشكل كلي انما اردناه ان يكون جيلا تعاونيا يعمل في منظومة متناغمة مع الآخرين من اجل تحقيق اهداف مشتركة سواء في اطار العملية التعليمية او خارجها. المقالة القادمة عن بعض مشكلات التعليم العالي في البلدان العربية.