DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الشمال والجنوب يدا بيد (الأرشيف)

سلام السودان الجديد.. آمال ومخاوف

الشمال والجنوب يدا بيد (الأرشيف)
 الشمال والجنوب يدا بيد (الأرشيف)
أخبار متعلقة
 
وقعت الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية ست اتفاقيات تم التوصل إليها خلال مسيرة تفاوض استمرت زهاء الـ 100 يوم. والاتفاقيات الست هي: برتوكول مشاكوس ، الترتيبات الامنية والعسكرية خلال الفترة الانتقالية ، قسمة الثروة خلال الفترة قبل الانتقالية والفترة الانتقالية، قسمة السلطة ، برتوكول حول منطقتي جبال النوبة والنيل الازرق، وبرتوكول حول النزاع في منطقة ابيي. وإذا كانت مسيرة التفاوض الطويلة التي امتدت منذ مؤتمر المائدة المستديرة عام 1976 م قد أتت أكلها في عهد حكومة الإنقاذ إلا أن منطقة دار فور مازالت تمثل قلقاً. وحسب مراقبين محليين ودوليين فان مشكلة دارفور ستستمر لفترة قادمة طويلة ولكن لن يكون لها أدنى تأثير على اتفاقية السلام وأجوائه ما بين الحكومة والحركة الشعبية. ومن الطبيعي ان ينعم الشعب السوداني والطرفان بثمار السلام التي تتمثل بداية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرتقبة، حيث ينتظر أن تكون هنالك تنمية للثروة البترولية، ولتدفق رؤوس الأموال الأجنبية، فضلا عن المنح والقروض والاستثمارات الدولية المتنوعة. كما أن الكثيرين من أصحاب المال والأعمال في العالم ينتظرون الآن اكتمال الترتيبات السلمية والاستقرار لبدء مشروعات في السودان. الاتفاق الشامل إن التكهنات لمرحلة ما بعد توقيع اتفاق السلام تشير إلى أن التضخم سوف يكون بطيئاً، وستكون هناك زيادة ملحوظة في تصديرِ السلعِ وكذلك استيرادها. كما أن سعر الصرفِ للدينار السوداني مقابل الدولار سيرتفع بمقدار ضئيل وغير مؤثرٍ. أما في العلاقات الخارجية فان علاقات السودان للأعوام القادمة سيكون محورها ودائرة ارتكازها أمريكا، فضلا عن تدعيم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول الجوار. ويرى خبراء صندوق النقد الدولي أن التنمية والنهضة المرتقبة في السودان ستتمخض عنهما منافع منها: - زيادة الإنتاج المحلي المرتقبة. - تدفق رأس المال العربي والعالمي إلى السودان. - المنح والعون الخارجي لأجل التعمير والبناء. - جدولة الديون وربما شطب بعضها. - تخفيض الإنفاق العسكري وتوجيه الجهد الفكري العسكري للتنمية. مسيرة التفاوض التاريخية: المائدة المستديرة في 11 مارس 1965 وعقب بدء المحادثات بين الشمال والجنوب انعقد مؤتمر المائدة المستديرة في جوبا بهدف مناقشة العلاقات الدستورية بين الطرفين، واختلف الجنوبيون داخل المؤتمر وانقسموا إلى ثلاثة أقسام، قسم مطالب بالوحدة وآخر بالانفصال وثالث طالب بالحكم الذاتي في إطار سودان موحد فيدرالي، وكلف المؤتمر لجنة ببحث المستقبل السياسي للسودان، ولكن حكومة سر الختم الخليفة استقالت قبل أن ترفع اللجنة توصياتها. اتفاق أديس أبابا في مارس 1972 وقع اتفاق أديس أبابا بين الرئيس السابق جعفر محمد نميري والجنرال جوزيف لاغو زعيم حركة "الأنانيا" الذي أصبح فيما بعد نائبا لرئيس الجمهورية. وركز الاتفاق على ثلاثة أمور (احترام الأديان جميعا وعدم إضفاء أي صبغة دينية على الدولة، الاعتراف بالخصائص الثقافية لأهل الجنوب والاعتراف بحق الجنوب في حكم نفسه حكما ذاتيا). وسقط الاتفاق بعد عشر سنوات من التوقيع عليه إثر تمرد فرقة جنوبية تعمل ضمن الجيش السوداني. إعلان كوكادام في 20 مارس 1986 عقد اجتماع بين قادة التجمع الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان في منطقة كوكادام بإثيوبيا، وطالب قرنق الحكومة برفع حالة الطوارئ، وإيقاف إطلاق النار، وإلغاء قوانين الشريعة الإسلامية الصادرة عام 1983، وإلغاء الاتفاقات العسكرية مع كل من مصر وليبيا، ولكن الحكومة رفضت الاستجابة لهذه الشروط. و فشل المؤتمر. مبادرة السلام السوداني في 16 نوفمبر 1988 وقع محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي مع قائد الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق مبادرة السلام السودانية، في اجتماع عقد في أديس أبابا. أكد هذا الاتفاق مبادئ الوحدة وإعلاء رابطة المواطنة على أي رابطة أخرى وجمد كل القوانين المنسوبة للإسلام إلى حين البت في أمرها في مؤتمر قومي دستوري تشارك فيه كل القوى السياسية والاجتماعية والعسكرية. اتفاق القصر في أبريل 1989 أعدت كل أحزاب السودان - باستثناء الجبهة القومية الإسلامية- وكل نقاباته وممثلي قواته المسلحة اتفاقا عرف بـ"اتفاق القصر" برعاية الصادق المهدي رئيس الوزراء آنذاك، وأهم بنوده: نبذ الحرب وحل المشكل السوداني سلميا، التأكيد على كل الاتفاقات السابقة مع الحركة الشعبية- كوكادام ومبادرة السلام- ، توفير الجو المناسب لتنفيذ الاتفاق بإلغاء القوانين التي أصدرها نميري والمنسوبة للإسلام مع إجراءات أخرى وقيام المؤتمر الدستوري داخل السودان بمشاركة الحركة الشعبية وتحت رعاية الحكومة. مؤتمر أبوجا 1 في 26 مايو 1992 عقد مؤتمر سلام في العاصمة النيجيرية أبوجا بين وفد الحكومة السودانية برئاسة العقيد محمد الأمين خليفة رئيس المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان) وفصائل الجنوب متمثلة في وفد الجيش الشعبي لتحرير السودان برئاسة العقيد قرنق سيلفاكير ووفد مجموعة الناصر المنشقة عن الحركة الشعبية بزعامة لام أكول. ونص المؤتمر على دين الدولة في الدستور، وتشكيل لجنة مشتركة لتوزيع الدخل العام للدولة، وإعادة بناء المناطق التي دمرتها الحرب ومشكلات المهجرين واللاجئين. مؤتمر ابوجا 2 في 26 أبريل 1993 انعقد مؤتمر أبوجا 2 في نيجيريا، بين الحكومة السودانية وعدد من المسؤولين عن الولايات الغربية والجنوبية، وتم الاتفاق في المؤتمر على وقف إطلاق النار واستمرار الحوار في قضيتي الدين والدولة، والالتزام بوحدة السودان وتشكيل لجنة لتوزيع الدخل القومي، وقد رفض جون قرنق التوقيع على البيان المشترك. مبادرة الايغاد في 20 مايو 1994 أعلنت دول "الإيغاد" مبادرة سلام ارتكزت على إعلان للمبادئ تتلخص في: - التأكيد على وحدة السودان دون الفصل بين الدين والسياسة. - الاعتراف بالتعددية الديمقراطية. - الالتزام الكامل بكل عهود ومواثيق حقوق الإنسان . - لا مركزية الحكم. - التوزيع العادل للثروة. ونصت على أنه في حال رفض الطرف الحكومي الشمالي هذه المبادئ، ينبغي على ذلك الطرف أن يقبل مبدأ ممارسة الجنوب حق تقرير المصير، دون استثناء لأي من الخيارات التي يمكن أن تسفر عنها هذه الممارسة. وقد وقع الإعلان من دول الإيغاد والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق والحركة الشعبية المتحدة بقيادة رياك مشار آنذاك، فيما رفضت حكومة الإنقاذ التوقيع عليه عام 1994 متحفظة على فصل الدين عن الدولة، ثم عادت ووقعت عليه في 9/7/1997. مقررات اسمرا من 15 إلى 23 يونيو 1995 عقد التجمع الوطني الديمقراطي مؤتمرا في العاصمة الإريترية أسمرا أطلق عليه (مؤتمر القضايا المصيرية)، وهو أول اجتماع في تاريخ السودان الحديث يضم كل القوى السياسية السودانية من الشمال والجنوب -باستثناء الجبهة القومية الإسلامية الحاكمة- بهدف تقرير مستقبل السودان بصورة متكاملة. وناقش المؤتمر قضية "المناطق المهمشة" وإمكانية بحث أجندة سياسية واقتصادية تقلص هيمنة الخرطوم الإدارية على هذه المناطق، وتنهي مشكلة توزيع الثروة الوطنية بينها وبين الشمال النيلي، وطرحت العلاقة بين الدين والسياسة، وآليات إسقاط حكومة الإنقاذ. ومن بين المقررات التي تم التوقيع عليها منح حق تقرير المصير للجنوب، وإعادة هيكلة الحكم وتوزيع السلطات بين المركز والأقاليم، وترتيبات الفترة الانتقالية. المبادرة المصرية الليبية في يوليو 1999 دعت ليبيا هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي السوداني لاجتماع في طرابلس، كانت نتيجته التوقيع على إعلان طرابلس في 1/8/1999 الذي تبنته مصر وليبيا، وصار أساس المبادرة المشتركة لحل النزاعات السودانية وإبرام اتفاق سياسي شامل. وطالب الإعلان الأطراف (الحكومة والمعارضة) بالوقف الفوري للعمليات العسكرية والحملات الإعلامية المتبادلة والشروع في حوار مباشر للتوصل إلى حل سياسي شامل. وفي يونيو 2001 قدمت مصر وليبيا صيغة معدلة لمبادرتهما المصرية الليبية المشتركة من تسع نقاط، وافقت عليها الحكومة والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب الأمة،وتنص على تشكيل حكومة وطنية انتقالية تشارك فيها جميع الأطراف السودانية، وتنص أيضا على عقد مؤتمر وطني لمراجعة الدستور وتنظيم انتخابات عامة وتعهد جميع الأطراف السودانية بوقف المعارك فورا. اتفاق مشاكوس في 18 نوفمبر 2002 وقعت الحكومة السودانية وحركة الجيش الشعبي لتحرير السودان في مشاكوس بكينيا على وثيقتين، الأولى تقضي بتمديد الهدنة القائمة حتى نهاية مارس 2003، والثانية تغطي عددا من النقاط التي قبل بها الطرفان مبدئيا، وهي تتعلق باقتسام السلطة والثروة، لكن دون الإقرار بأي موقف حاسم بشأنها. واتفق الطرفان على إلغاء تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق التي يقطنها غير المسلمين وإجراء استفتاء في الجنوب على الانفصال أو الوحدة بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات. مذكرة ناكورو في السادس من يوليو 2003 قدم وسطاء منظمة "الإيغاد" وثيقة اتفاق شامل إلى طرفي النزاع خلال المفاوضات بمدينة ناكورو الكينية، لكن الحكومة رفضت المقترحات واعتبرتها غير منصفة وتهدم ما بنته المفاوضات على مدى عام كامل، في حين قبلتها الحركة الشعبية لتحرير السودان. وتدعو هذه المقترحات إلى إعطاء صلاحيات واسعة لنائب الرئيس الذي سيتم اختياره من الحركة، كما تدعو إلى قيام جيشين أحدهما تابع لشمال السودان والآخر للجنوب، وتقترح أيضا اقتطاع أجزاء من العاصمة السودانية تستثنى من تطبيق الشريعة الإسلامية فيها. اتفاق نيفاشا في 25 سبتمبر 2003 اجتمع بمنتجع نيفاشا الكيني وفد الحكومة السودانية برئاسة علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة جون قرنق، ووقعا اتفاقا بشأن الترتيبات الامنية خلال المرحلة الانتقالية، وقد نصت بنود الاتفاق على انسحاب القوات الحكومية من الجنوب تحت مراقبة دولية، ونشر قوات من المتمردين في الشمال وقوات من الحكومة في الجنوب، ونشر قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها. ختام مفاوضات نيفاشا في يوم الأربعاء 26 مايو 2004م تم توقيع بروتوكول بين الحكومة والحركة الشعبية حول تقسيم السلطة وملحقه الذي مثل اتفاقا بين ( الطرفين ) حول تقسيم السلطة في المناطق المهمشة، واعتبر هذا الاتفاق آخر مرحلة للتفاوض بين الطرفين، فيما تبقى الترتيبات الفنية الأخرى. اتفاق السلام النهائي الشامل يتم اليوم التوقيع على جميع الاتفاقيات التي سبق ان وقعها رئيسا وفدي التفاوض بعد أن تم تضمينها جميعها في اتفاق واحد ، وذلك بهدف التسويق لاتفاق السلام السوداني الشامل بين الطرفين عالميا لجذب الدعم الدولي. فيما سيتم الاتفاق النهائي الشامل خلال شهر أغسطس المقبل. الفشل والنجاح يلاحظ أن في معظم الاتفاقيات لاسيما الحديثة منها التزام الجانب الحكومي بالتزامات قريبة من تلك التي تم الاتفاق عليها حاليا، ولكن أياً من الاتفاقيات لم يكتب لها النجاح والحياة في الاستمرار ولم تثمر ، وذلك مما يعد من ابرز المخاوف والهواجس التي تنتاب السودانيين في التزام الطرفين الكامل ببنود الاتفاق الشامل والنهائي، باعتبار أن تلك البادرة الناضجة والمكتملة النمو تمثل الأمل الحقيقي لكل سوداني متطلع لبناء مستقبل جديد ، أما في حالة تفجر النزاع والصراع من جديد على أي خلاف كان ستكون نتائجه وخيمة ولا تحمد عقباها وستأتي بصورة أكثر خطورة من سابقتها ان لم تكن مدعاة للتقسيم والتشتت ومن ثم التدخل الدولي. ما بعد توقيع اتفاق السلام ان من ابرز ما يكتنف المرحلة المقبلة في مسيرة السلام السوداني هي تلك المشكلات والعقبات التنفيذية لبنود اتفاق السلام الشامل باعتبار أنها لن تكون مرضية للجميع- من الطبيعي- بدءا من الوزراء الذين سيفارقون كراسيهم ومرورا بالبرلمانيين الذين سيلاقون نفس المصير وانتهاء بالتداخل المتوقع في الاختصاصات بين الطرفين. وتعد فترة السنوات الست إلى حين الاستفتاء على تقرير المصير فترة طويلة نسبياً وستشهد الكثير من الخروقات والمزايدات من الطرفين. غير أن الولايات المتحدة الأمريكية، راعية السلام السوداني ستمارس ضغوطاً على الطرفين، لحملهما على احترام الاتفاقية وعدم النكوص عن أي بندٍ فيها، كما أنها (أي أمريكا) وباعتبارها (راعية السلام السوداني) و(شرطي العالم) لن تتورع عن معاقبة صارمة لمن يخرق الاتفاقية. ولا توجد خشية الآن من القوى السياسية الثانوية الشمالية والجنوبية، فهي ضعيفة ولا تمثل خطرا على الاتفاق. ويعتبر المؤتمر الشعبي الذي يقوده حسن الترابي اقوى. مسؤوليات ما بعد الحرب تقع مسؤوليات فترة ما بعد الحرب على عاتق عدة جهات يأتي على رأسها: - (سياسيا) حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية وبقية الأحزاب الشمالية والجنوبية في إيحاد نوع من الاستقرار السياسي حسب الخطة المعدة للحكومة الوطنية خلال فترة السنوات الثلاث الأولى ، ومن ثم عقب الانتخابات في الفترة الثانية. - (اقتصاديا) سيواجه البنك المركزي (بنك السودان ) تحديات كبرى في صياغته وسياسته المالية مما يجدر به الاستعداد المبكر لها. - تنويع مصادر الدخل وتنمية الموارد الأخرى غير البترولية. مثل الثروة الحيوانية والزراعة والسياحة. - الخدمة المدنية ستواجه كذلك بالكثير من الصعاب خاصة أن الاتفاقية نصت على توظيف ما لا يقل عن 20 % من الجنوبيين المؤهلين، الأمر الذي يستدعي التجهيز الكامل لإعادة الهيكلة في كثير من المرافق والمؤسسات والمصالح. مخاوف وهواجس يواجه الاتفاق تحديات ليست بسيطة منها: - وفق اتفاق الترتيبات الأمنية التي تنص علي انسحاب الجيش السوداني من مناطق الجنوب فان هذه النقطة تمثل في العمق ثغرة تجعل الحركة في حال فشل التطبيق،او النكوص عن الاتفاق، او إعلان الانفصال في مرحلة متقدمة (بعد ست سنوات) تنفرد بالسيطرة على الجنوب بأكمله دون أن تستطيع الحكومة فعل شيء. باعتبار أن قوام الجيش الحكومي سيكون 12 ألف جندي، فالاتفاقية اعترفت بوجود جيشين ونصت على أن يخلي الجيش كل مناطق الجنوب في الفترة الانتقالية، وأن تحل محله قوات مشتركة قوامها 24 ألف جندي فقط تتكون مناصفة بين الجيش الحكومي وقوات الحركة الشعبية. - حكومتان ، مركزان للقوى، جيشان وبرنامجان مختلفان اختلافا كبيرا من حيث الدين والثقافة والمجتمع ترفع حالة التوتر والتخوف من عدم التناغم والتجانس والتعايش السلمي ، غير ان المعول الرئيسي في هذا الأمر التفاؤل الحذر والثقة الكبيرة التي تعمقت بين الطرفين فضلا عن أمل السلام الذي ظل ينشده سياسيو الشمال والجنوب قبل المواطنين. - لاعبو الشمال والجنوب من خارج الحكومة والحركة سيعملون علي تأجيج نيران التنازع المستمر على الصلاحيات والسلطات ومكتسبات السلام. خاصة ان الاتفاقية أعطت النائب الأول للرئيس حق الاعتراض من جانب والانفراد بالحكم في الأقاليم الجنوبية من جانب آخر. - إذا كانت الحكومة قدمت الكثير من التنازلات من خلال المفاوضات لتحقيق الغاية الكبرى في السلام فان اكبر ما قدمته من تنازل كان قبولها السماح بفك طوق دفاعها الأول للبقاء في سدة الحكم والسلطة والمتمثل في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والخدمة العامة وبقية تلك الأجهزة التي بنتها بتؤدة وصبر وكفاح وعمليات تطهير دامت لـ15 عاما هي عمر الإنقاذ، وهي الآن لا تبالي في اختراقها بشكل صريح وجريء. حسب الفقرة (7-2) التي أقرت تشكيل جهاز أمن قومي واحد يشكل على المستوى القومي و تحدد بنيته ومهامه عبر القانون، ويعكس مشاركة الطرفين المتفاوضين. فضلا عن انه تؤول إليه جميع ممتلكات الأجهزة الأمنية للطرفين إلى جهاز خدمات الأمن الجديد. - ستجد الحكومة إشكاليات كبيرة علي الصعيد الداخلي لإعلانها مبدأ توسيع المشاركة لقوى الداخل الشمالي مقارنة بالنسبة التي استطاعت أن تخرج بها من تقسيم السلطة(52% من المقاعد بمجلس الوزراء للمؤتمر الوطني و28% للحركة الشعبية و14% للقوى الشمالية و6% للقوى الجنوبية). طريق السلام الحقيقي يستطيع طرفا التفاوض أن يبنيا السودان الجديد (لفظ أطلقه محمد احمد محجوب عقب الاستقلال مباشرة) إذا ما التزما بالفقرة (1 -5 -1 -4 ) التي وضعت الأسس الواجب مراعاتها بين الطرفين في العلاقة بين الحكومات، خاصة حكومة جنوب السودان وهي: أ- الاحترام المتبادل واحترام الحكم الذاتي. ب- التعاون أكثر في تكملة بعضهم في تحقيق مهامهم ومساعدة بعضهم البعض. ج - القيام بواجباتهم وممارسة مهامهم على نحو : 1 - عدم التدخل في مستويات الحكم الأخرى. 2 - تجنب الدخول في مجابهة على مستويات الحكم الأخرى من خلال الدستور. 3 - تطوير التعاون بين الحكومات المختلفة. 4 - تطوير قنوات اتصال مفتوحة بين الحكومة ومستويات الحكم. 5 - أن تبذل قصارى جهدها من أجل تقديم الدعم والسند لمستويات الحكم الأخرى. 6 - تقديم التعاون الجيد والتنسيق لمستويات الحكم . 7 - الالتزام بالإجراءات الخاصة بالتداخل الحكومي كما هو منصوص عليه في الإتفاق. 8 - تطوير إمكانية حل النزاعات قبل رفعها للقضاء. 9 - احترام مستويات الحكومات الأخرى. ج - إشاعة التناغم والتعاون بين مختلف مستويات الحكم في إطار الوحدة الوطنية من أجل توفير نمط حياة أفضل. أسئلة معلقة مع توقيع الاتفاق الشامل تظل بعض الأسئلة معلقة وهي : - إلى أي مدى ستنجح أول خطوة في طريق التنفيذ لبنود الاتفاقية وهي عملية الإحصاء السكاني الشامل والتي اشترط أن تكون عقب التوقيع مباشرة ، بالرغم من ان خطة التعداد السكاني تستلزم ما لا يقل عن ستة اشهر؟ - يتكون الجهاز التنفيذي من الرئاسة ومجلس الوزراء ، وينشأ جهاز رئاسي من رئيس الجمهورية ونائبين للرئيس. حسب الاتفاقية.. فما مدى نجاح المزج بين النظام الرئاسي والبرلماني؟ - ما مصير القياديين الجنوبيين في المؤتمر الوطني أو الحزب الحاكم عقب تقسيم السلطة الذي منح القوى الجنوبية نصيبا معينا؟ - إلى ماذا استندت الحركة في موافقتها على تسليم البرلمان أو الجمعية الوطنية (كما اقترح اسمها في الاتفاقية) للحكومة التي تستحوذ على نسبة 52 % من عدد الأعضاء فيها؟