كثرة المهرجانات الثقافية والوطنية في السنوات الأخيرة على مستوى دول الخليج ظاهرة صحية وصحوة ثقافية نأمل أن تستمر لما فيها من إنعاش للفكر وإثراء للمعرفة , ومن البديهي أن يكون القائمون على تنظيمها والإعداد لها من المثقفين الأكفاء والقادرين على التخطيط السليم والإدارة الفاعلة لمناشط هذه المهرجانات حتى تبدو بأبهى حلة , وكلما كان هؤلاء على قدر من المسئولية والحرص لما فيه خدمة الثقافة وإعطاء الأولوية القصوى لكل ما يخدم أوطانهم من الناحية الفكرية كانوا أقرب للنجاح وأقدر على لفت الأنظار وكسب الإعجاب .
إن أهم تحد يواجه من كلف بمسئولية الإشراف على مهرجان وطني ثقافي هو أن ينأى بنفسه ويحصنها من ( فيروس ) المجاملة البغيض الذي يشكل عائقاً كبيراً أمام النجاح .
عندما تتوجه أنظار الآخرين لتظاهرة ثقافية وأدبية فإنهم يتوقعون الأجمل والأفضل , فكل دولة تستنفرطاقاتها البشرية والمادية لإقامة مثل هذه المهرجانات لغاية سامية وطموح كبير والهدف الرئيسي المصلحة العليا للوطن , غير أن الواقع المؤسف هو أنه بمجرد الإعلان عن بدء الاستعدادات لمهرجان ما في دولنا الخليجية فإن الاتصالات واللقاءات تنشط على أكثر من صعيد من أجل إقحام صديق أو قريب أو من يرجى نفعه من أهل النفوذ والمال ليمثل ثقافة وطنه في المهرجان حتى وإن كان غير كفء وغير جدير بالتقديم اما لحداثة عهده بالأدب وقصور تجربته أو لضعف مستواه وإن كان ذا تجربة طويلة زمنياً .
فيروس المجاملات هذا لم تسلم منه مهرجاناتنا الخليجية بدءا من الجنادرية وحتى هلا فبراير ووصولاً لمهرجان الدوحة الذي بدأ منذ أيام , وما دمنا غير محصنين أمام هذا الداء العضال فلن نتقدم خطوة واحدة ثقافياً وسنبقى بعيدين عن النجاح قريبين من الفشل.
