DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

السفير عبدالمحسن البلاع

نعيش الانتظار والاحتضار

السفير عبدالمحسن البلاع
 السفير عبدالمحسن البلاع
العسكرية أساسها الشدة والصرامة بينما الدبلوماسية أساسها اللباقة والرقة.. وقليلون أولئك الذين ينجحون في المجالين ضيفنا اليوم واحد من هذه الفئة النادرة: نشأ في أسرة عسكرية وتوج ميوله الطفولية بالدراسة المتخصصة حتى أصبح علما في مجاله وشهد أدق مراحل الصراع العربي الإسرائيلي عام 67 ثم 73.. ثم هجر العسكرية إلى الدبلوماسية فكان خير ممثل لبلاده أينما كان: في سوريا في سلطنة عمان في هولندا.. حياته نموذج حي لشبابنا ولعل هذا هو السبب في اختيارنا له ليكون تحت الشمس في يومنا هذا كان سؤالنا الأول مع عبد المحسن البلاع العسكري والسفير المتقاعد حاليا. بدأت بدار التوحيد @ الخطوات الجادة على الطريق تكون ثمرات خطى ثابتة في البداية فكيف كانت بداياتكم؟ ــ البلاع: والدي من المحاربين القدامى مع الملك عبد العزيز وعندما فكرت المملكة في جيش نظامي اختير المحاربون القدامى بحكم الخبرة قادة للجيش وكان والدي واحدا منهم وتم توجيهه إلى الطائف حيث أقام. ومن الطائف بدأت خطواتي الأولى. التحقت بدار التوحيد التي كانت محط أنظار جيلي كمؤسسة تربوية نظامية حديثة تناسب الدولة السعودية الحديثة وتدرس العلوم الدينية واللغة العربية وغيرها من متطلبات المرحلة من العلوم والمعارف. بعد تكملة منهج التوحيد زارنا وفد من القوات المسلحة لاستقطاب الشباب فبادرت بالالتحاق بها منطلقا من تربيتي وتأثري المباشر بوالدي وهكذا التحقت بالسلك العسكري الذي استهواني منذ صغري حتى تخرجت من كلية الملك عبد العزيز الحربية ضابطا. عشر سنوات بالشرقية @ وماذا بعد التخرج؟ ــ البلاع: عملت في عدة مناطق منها الطائف , تبوك, الخرج, المنطقة الشرقية وقد قضيت في المنطقة الشرقية عشر سنوات متصلة بين عامي 1964 - 1974 م ولم أغادرها خلال كل هذه المدة إلا لدورات وبعثات تدريبية. من العسكرية إلى الدبلوماسية @ وكيف انتقلت من العسكرية إلى الدبلوماسية؟ ــ البلاع: انتقلت بصورة تدريجية ففي البداية تم اختياري ملحقا عسكريا بالأردن وبما أن الملحقية العسكرية جزء من السفارة فقد دخلت الدبلوماسية من بابها العسكري وظللت فيها خمس سنوات.. وعدت من الأردن لأعمل في مكتب وزير الدفاع والطيران لمدة ثلاث سنوات. ثم صدور مرسوم ملكي بنقل خدماتي إلى وزارة الخارجية وتعييني سفيرا لسلطنة عمان حيث قضيت بها عشر سنوات تقريبا. شهدت ترسيم الحدود @ ما أبرز الأحداث التي شهدتها المنطقة والعلاقات الثنائية بين الدولتين في تلك الفترة؟ ــ البلاع: عملي في سلطنة عمان فترة متميزة في حياتي فهناك أتيحت لي فرصة المشاركة في مؤتمرات عديدة منها مؤتمر القمة الخليجية ومؤتمر وزراء خارجية دول مجلس التعاون أكثر من مرة, ومؤتمر وزراء الدول الإسلامية. أما على مستوى العلاقات الثنائية بين الدولتين فقد شهدت تسوية الحدود بين المملكة والسلطنة بروح أخوية مع مراعاة مصالح الطرفين من منطلق الإحساس الودي بأننا مكملان لبعضنا البعض. سوريا .. والتجارة الثنائية @ السنوات التي قضيتها سفيرا بسوريا نشطت فيها التجارة الثنائية , هلا حدثتمونا عنها؟ ــ البلاع: قضيت في سفارتنا بسوريا خمس سنوات لمست فيها عمق ومتانة العلاقة بين البلدين وهي علاقة متشعبة منها الاجتماعية والثقافية والتجارية التي هي أقوى العلاقات لوجود تبادل تجاري عالي المستوى. ولحرص البلدين على تعميق هذه العلاقة أنشئت اللجنة السعودية السورية على مستوى وزراء الخارجية بهدف تطوير العلاقات التجارية وإعداد البحوث والدراسات لمختلف المشاريع وهذه اللجنة تجتمع وتقوم بمهامها خير قيام. ثم إلى هولندا @ كانت تجربة العمل في هولندا تختلف عن العمل في دولة عربية , كيف استقبلت الخبر؟ ــ البلاع: السفير مستعد للعمل في كل زمان ومكان ومع هذا كانت هولندا تعني عندي محطة جديدة لها خاصية تختلف عن دولنا العربية إلا أنني بحمد الله تأقلمت سريعا مع وضعي الجديد. والعلاقات بين المملكة وهولندا قديمة جدا وقد لا يعلم الكثيرون أن البنك السعودي الهولندي في المملكة أقدم من مؤسسة النقد وكان البنك الرئيسي لنا قبل إنشاء المؤسسة وأشرف مباشرة على النقد السعودي. توجهت إلى هولندا سفيرا عام 1999م كمحطة أخيرة وخلال الفترة التي قضيتها ازدادت العلاقات متانة بين الدولتين مما يجعلني أقول أنني كنت موفقا هناك والحمد لله. تحقيق المعادلة الصعبة @ اليوم: العسكرية حزم وشدة وصرامة بينما الدبلوماسية لين ورقة ولباقة وقد نجحتم فيهما رغم تناقضهما. كيف حققتم المعادلة الصعبة؟ ــ البلاع: نعم في العسكرية حزم وشدة وصرامة ولكنها لا تخلو من الدبلوماسية فالقائد العسكري الناجح ليس الصارم لدرجة عدم التراجع عن قراراته بل هو من يتراجع إذا كان التراجع خيرا وهو من يمارس الكر والفر في الوقت المناسب وليس المندفع اندفاعا أهوج. هذا التعقل في اتخاذ القرار يعد من أبرز صفات النجاح لدى العسكري والدبلوماسي على حد سواء , لهذا السبب لم أجد صعوبة في أن أتعايش مع الحياة الدبلوماسية بعد حياتي العسكرية , ولكن لتكون قياديا في الحالتين لابد من خبرة طويلة. أكبر من النكسة @ اليوم: عندما كنت ضابطا في المنطقة الشرقية شهدت المنطقة العربية حربين في عام النكسة 1967م وعام 1973 م ماذا تقول عنهما؟ ـ البلاع : حرب 1967م لم تكن نكسة كما يصفها الكثيرون بل كانت نكبة وهزيمة ساحقة نزلت على العالم العربي نزول الزلزال , وكان العدو يعرف كل نقاط الضعف فينا , نحن في المنطقة الشرقية لم نكن ضمن حدود مسرح العلميات ولكن كنا على استعداد تام للذود عن الوطن. أما عام 1973 م فقد شاركت المملكة بقوات سعودية كانت مع القوات السورية في خندق واحد لمواجهة العدو ولايزال السوريون يقدرون تميز القوات السعودية في المعركة. @ اليوم: والدكم من أوائل العسكريين فهل شارك في حرب 1948 م مثلا؟ ـ البلاع والدي كان ضابطا في الجيش السعودي ولم يشارك في حرب , ولكن في الأسرة ضباط آخرون شاركوا منهم رشيد البلاع. العرب وإسرائيل @ اليوم:كعسكري متمرس , لماذا تهزمنا إسرائيل وما تقييمكم لأداء العسكري العربي؟ ـ البلاع: العسكري العربي متميز في أدائه ولكن لا تتوافر في داخله إرادة القتال بينما إسرائيل بطبعها دموية وعسكرها يريد القتال فعلا لذا تتكرر هزائمنا أمام إسرائيل , هذه وجهة نظري الخاصة. @ اليوم: ولكن إسرائيل لديها أعداد بشرية هائلة! البلاع: إسرائيل لا يتجاوز تعدادها خمسة ملايين , والمسلمون اكثر من مائتي مليون ولكن الحرب ليست بالكثرة العددية , لأن عدم ارادة القتال جعلنا نسمع عن الأحداث الدامية, ونقرأ عنها , ونراها عبر القنوات يوميا حتى تكونت لدينا حالة من بلادة الإحساس ولو تيقظ إحساسنا لعلمنا اننا نعيش في مذلة مستمرة! @ اليوم: وما الحل؟ البلاع: العالم العربي مقصر في متابعة القضية الفلسطينية .. والحل لن يأتينا من الأمم المتحدة كما تؤكد تجارب السنوات الطويلة. الحل بيد أمريكا . وأمريكا ترى مصالحها مع إسرائيل أهم من مصالحها مع العرب وهي منقادة في ذلك للوبي الصهيوني وتنفذ توجيهاته لذا فإن أمريكا تفكر أولا في إسرائيل ثم في غيرها. ان تأثيرنا على أمريكا لا يصل تأثير اللوبي الصهيوني , حضورنا شبه معدوم ولو كان لنا صوت مسموع كالاتحاد الأوربي ما انحدرت أمريكا لإسرائيل كما هي الآن. @ اليوم: العرب والاتحاد الأوربي , أيهما أقرب لأمريكا؟ ـ البلاع: نحن أقرب في طرح القضايا ولكننا نفتقر للحس الذي يجعل قضايانا حية وساخنة باستمرار مثلا تكونت لدى العرب عموما فكرة وقناعة شخصية بأن قضية فلسطين لا حل لها الا بحل مشكلة العراق أولا حتى ظللنا في حالة انتظار واحتضار .. كيف وصلنا إلى هذه القناعة وقضية فلسطين سبقت مشاكل العراق بأكثر من أربعين سنة؟. واقع السفارات العربية @ اليوم: هناك اتهام موجه للسفراء العرب يرى أنهم موظفون روتينيون أخفقوا في الوصول إلى عقلية رجل الشارع الغربي بينما إسرائيل تفعل ذلك! ما دفاعكم ؟ البلاع: لن أدافع لأن ما ذكرته ليس اتهاما بل هو ـ للأسف ـ واقع تعيشه السفارات العربية في العالم الغربي , والسفارات لها العذر لأنها تنفيذية ولا تستطيع ان تقوم بعمل دون أن يكون لديها توجيه بالعمل مع تحديد نوعية العمل المراد تنفيذه. نعمل بلا تخطيط @ اليوم: إجابتك تعني أن المبادرات الفردية مرفوضة في الدبلوماسية العربية؟ البلاع: مرفوضة تماما .. والدبلوماسي لا يستطيع القيام بعمل أو اتخاذ إجراء يراه سليما وصحيحا ومفيدا لوطنه ولامته .. لا يكفي اقتناعه الشخصي بل عليه انتظار التوجيهات العليا من مرجعه وجهته التي يرتبط بها , بصراحة , العالم العربي عالم مريض ! فماذا تتوقعون من عالم مريض؟ @ اليوم: وما نوع المرض؟ البلاع: النظرة المحدودة والرؤية المعدومة ان العالم من حولنا يخطط لربع قرن قادم ونحن لا نخطط لأسبوع واحد .. العالم يعرف ماذا سيفعل غدا ونحن لا نعرف لأننا لا نخطط .. العالم يتحرك بخطوات محسوبة ونحن العرب ننتظر المفاجآت !! لا انفي وجود خلل في الدبلوماسية العربية ولكنه خلل ليس سببه الممثلون بل الجهة التي أوفدت أولئك الممثلين الذين لا يعرفون ماذا سيفعلون لغياب الرؤية المستقبلية لدى الجهات التي أرسلتهم! @ اليوم: وهل فكرت شخصيا بطرح مبادرة فردية؟ البلاع: أنا كغيري من الدبلوماسيين العرب أدافع عن وطني بشكل شخصي حسب التوجيهات أما كعربي فأنا ضعيف أمام الغرب الذي تحكمه قوانين وأنظمة وحريات شخصية. تهمة الإرهاب @ اليوم: بعد 11 من سبتمبر أصبح كل عربي متهما بالإرهاب والدموية التسلح بالقنابل والصواريخ والرشاشات لقتل الأبرياء والأطفال! كيف نستطيع تغيير هذه الصورة؟ ـ البلاع: علينا ألا ننتظر من الآخرين أن يتحركوا لدفع التهمة عنا فهذا لن يحدث في الحقيقة ولا في الخيال إذن المطلوب أن نتحرك نحن بأنفسنا وعندما نتحرك يجب أن نضع أمامنا حقيقة وهي ان الغرب ليس مستعدا لسماع صوتنا بل لابد من تهيئة الغرب أولا ليسمع صوتنا. لا نضع العقبات المحبطة أمام أنفسنا فنقول الغرب يكرهنا! الغرب لن يسمعنا ! الغرب ... نعم كل هذا جائز ولكن ليس مبررا لنقف مكتوفي الأيدي , يجب التعامل مباشرة مع وسائل الإعلام الغربية ومخاطبتهم باللغة التي يفهمونها لا بلغتنا العاطفية , يجب التركيز على إسلامنا والاعتزاز به حتى ولو كره الغرب كله ثم نبين للغرب إننا انطلاقا من إسلامنا نرفض أي عنف ونرفضه وننبذه لأننا نتضرر منه قبل غيرنا. يجب إقناع الغرب بالسلوك والبيان العملي بأن الإسلام دين تسامح لا دين تطرف , ودين محبة لا دين إرهاب ونحن قوم نؤمن بالمحبة والتسامح , ونطبق ما نؤمن به في حياتنا الاجتماعية وفي علاقتنا بالآخرين أيا كانوا قد لا يستجيب الغرب لسماع صوتنا في البداية ولكن علنيا ألا نيأس لأننا على حق والحق لابد أن يظهر ولو بعد حين. @ اليوم: وهناك اتهام آخر بان ما تقوم به المؤسسات الخيرية لمساعدة المسلمين المحتاجين حول العالم دعم للإرهاب! البلاع: لولا دعم الناس بعضهم البعض لتوقفت حركة الحياة عن الدوران .. وكل أمم الأرض تساعد بعضها بضعا ومساعدة المحتاجين لدى فئة معينة لا تعني تسليحها لتعتدي على غيرها، التجمعات المسيحية تقدم خدماتها لأفرادها المحتاجين في كل مكان من العالم دون أن نسيء نحن المسلمين الظن بها ونتهمها بالإرهاب فلماذا نكون متهمين إذا فعلنا ما يفعله الآخرون؟ هناك منظمات طوعيه خدمية في كل مكان من العالم تقدم خدماتها لمن يحتاجون، قد تكون هذه المنظمات حكومية وقد لا تكون. وقد تختلف توجهاتها مع الخطاب السياسي وقد تتفق. كل هذه الأمور طبيعية وكما إسلفت في إجابة سابقة يجب علينا دفع التهم عن أنفسنا بالقول والفعل ولا ننتظر من يدافع عنا. فنحن كمسلمين من أكثر شعوب الأرض كراهية للتطرف والإرهاب بكل صوره. أمريكا على حقيقتها @ اليوم: إسرائيل تمارس الإرهاب علناً وتنجح في تلميعه بينما نحن نفشل في دفع تهمة نحن بريئون منها.. بم تعلل ذلك؟ - البلاع: إسرائيل جزء من العالم الغربي وامتداد طبيعي له والغرب هو الذي زرعها في وسط الأمة العربية. أما العالم العربي فثقافة أخرى وحضارة مغايرة ونظرة مختلفة للحياة. لو بدأنا بأمريكا نجد أنها منحازة انحيازاً كلياً لإسرائيل ليس حباً فيها بل حباً في مصالحها. أمريكا في السابق كانت تدعم إسرائيل كقاعدة استراتيجية لمحاربة الشيوعية. الآن انتهت الشيوعية وتبعثرت أجزاؤها أشلاءً وأصبحت أمريكا سيدة العالم فما المطلوب؟ لا شيء سوى الإسلام كقوة تستطيع الوقوف في وجه غير المسلمين.. هنا اتجهت أمريكا لدعم إسرائيل لتحارب العرب والمسلمين نيابة عنها.. وعلى العرب والمسلمين إدراك هذه الحقيقة والتعامل معها بوعي. @ اليوم: ولكن ماذا يستطيع العربي أن يعمل وهو لا يملك سوى شعارات يرددها على أبواب السفارات؟ - البلاع: مشكلتنا إننا لا نستطيع أن ننظم أنفسنا كقوة، ونحس بأننا دائماً في حاجة لمساعدة تأتينا من الخارج!!وأمريكا لن تساعد بل لن تقول كلاماً يرضينا لأنها تحت سطوة اللوبي الصهيوني لذا فأننا دائماً موصوفون بالتخلف والتطرف كتفريغ لشحنات الكراهية للإنسان العربي والموقف العربي والأرض العربية والإسلام الذي يدين به العرب. ما ذنب المناهج @ اليوم: هل ترى أن لمناهجنا دوراً في ذلك ولابد من تغييرها؟ - البلاع: ليس في مناهجنا ما يستدعي التغيير. قد نغير مناهجنا للأفضل إن نحن أردنا ذلك ولكن تغييرها لإرضاء الآخرين ليس منطقياً ولا مقبولاً ولن يكون! لقد تعلمنا كسعوديين في مدارسنا ودرسنا مناهجنا النابعة من ديننا وعاداتنا وتقاليدنا فصرنا أكثر الناس اعتدالاً. ثم واصلنا دراساتنا العليا في الغرب بعد أن أصبحنا كباراً فلم تتغير أفكارنا وسلوكياتنا إلا إلى الأفضل بشهادة الجميع حيث ظهر تسامحنا مع كل أنماط البشر بسلوكياتهم ومعتقداتهم المختلفة عنا، فما الذي جد حتى نغير مناهجنا؟ وما ينطبق على السعوديين ينطبق على العرب والمسلمين أينما كانوا.. ومجمل القول أن المناهج الدراسية لم تخرج إرهابيين كما يزعمون بل خرجت كل المستنيرين الذين ظلوا يتعاملون مع كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في شرق العالم وغربة عشرات السنين. ان كان لابد من تغيير المناهج فقد نغيرها لتحديثها لا استجابة لدعاوى غيرنا لأن الاستجابة والعمل وفق رؤاهم يعزز ما يذهبون إليه من أننا رضعنا الإرهاب من أمهاتنا المسلمات وازددنا إرهاباً بفعل مناهجنا المعادية للسامية! إلهاء العرب عن القضية @ اليوم: ولكن من قام بأحداث سبتمبر- أو المتهمون- درسوا في الغرب وتشبعوا بمناهجه! - البلاع: العلاقة ليست بمناهج تعليمية، والعالم الغربي يعرف ماهية المشكلة، ويعرف أن قضية فلسطين تؤرقنا ولن نستريح حتى تحل حلا جذرياً وبما أن الحل الذي يرضينا لا ترضى إسرائيل عنه فلابد من إلهاء العرب والمسلمين بقضية أخرى تجعلهم ينسون فلسطين أو يغفلون عنها بعض الشيء. هذه القضية الجديدة هي الإرهاب ومفرداته، وبالفعل صدق الغرب دعاوى الإرهاب وفي الوقت نفسه بلع العرب الطعم فانشغلوا عن قضية فلسطين بدفع تهمة الإرهاب عن أنفسهم وهنا انتهزت إسرائيل كامل الفرصة وهاهي سادرة في غيبها تعيث في القدس فساداً وتسعى سعياً حثيثاً لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى. @ اليوم: ودمغ الإسلام بالإرهاب! - البلاع: هذا محض افتراء.. الإسلام آخر الأديان وأفضلها ولا نرضى أن يربط أحد بينه وبين الإرهاب كسلوك مرفوض مهما كان مصدره. على مر العصور لم يحدث أن اتهم المسلمون مسيحياً أو يهودياً بالإرهاب لكونهم من ديانة أخرى.. حتى ما يفعلونه من سلب ونهب وقهر وظلم واحتلال لم ينسب لدين أو معتقد فلماذا يلصق الإرهاب بالمسلم دون غيره من البشر؟ نحن نقول وحشية إسرائيل وعدوان إسرائيل ولكنا لا نقول إرهاب يهودي أو إرهاب مسيحي أو غير ذلك. السعوديون.. وسفاراتهم @ اليوم: ما أبرز المشكلات التي واجهتكم كسفير في مختلف دول العالم؟ - البلاع: بعض المواطنين السعوديين الموجودين خارج المملكة يتعرضون لمشكلات خاصة بهم وعندما تتعقد الأمور يلجأون إلى السفارة حتى لو كانت المشكلة خارج اختصاصات السفارة ويطلبون حلاً عاجلاً ومرضياً لهم فإذا حاولنا أن نشرح لهم أن مشكلتهم خارج اختصاصنا كسفارة أو بحاجة لوقت قد يطول ارتفعت أصواتهم بالشكوى والتذمر بأن سفارتهم لم تخدمهم!! وأقول لهؤلاء بأن السفارات في كل الدنيا لخدمة المواطنين ورعاية مصالحهم من منطلق أن السفارة هي الممثلة الشرعية لهم في غربتهم ولكن لكل شيء حدود وقدرات لا يستطيع تجاوزها. @ اليوم: مثال للمشاكل الخاصة؟ - البلاع: بعض المشاكل الفردية توصل مرتكبيها إلى السجن والتوقيف ليس لأنهم أجانب بل حتى لو كانوا من سكان البلاد الأصليين فماذا تستطيع السفارة أن تفعل في وضع كهذا؟ @ اليوم: وما إجراءاتكم؟ - البلاع: السفارة لا تخذل من طلب منها الخدمة ولكن في نفس الوقت لا يمكن وضع حل سريع مفصل على مزاج طالب الخدمة. عندما تظهر مشكلة كهذه أمام السفارة تبادر بالاتصال بالأطراف ذات الصلة وهذا يحتاج لوقت وجهد، خاصة إذا ادعى الشخص أنه بريء من التهمة المنسوبة إليه.. وفي كل الحالات تحاول السفارة تقديم كل الخدمات الممكنة حتى يتم حل المشكلة. جواز السفر السعودي @ اليوم:... وفقد الجواز خارج البلاد؟ - البلاع: للأسف الشديد البعض لا يقدر قيمة الجواز الذي يعد وثيقة للشخص ومرآة للوطن .. البعض لا يقدر هذه الوثيقة ويرهن جواز سفره في فندق أو محل تجاري مقابل مبلغ ضئيل جداً بل أن البعض يرهن الجواز في أماكن لا تليق! ماذا تفعل السفارة ؟ إن السفارة ليست إدارة جوازات وليست مؤسسة مالية وليست كفيلاً غارماً لتدفع للمواطنين قيمة ما أكلوه أو شربوه في الفنادق والمطاعم وغيرها !! لو فعلت السفارة شيئاً لاحتواء الموقف فهذا تفضل منها ومكرمة أما إن عجزت أو اعتذرت فلها كل الحق في ذلك وليس هذا من التقصير بل من جهل المواطن في الخارج بحقوقه وواجباته . الباب المفتوح .. والمغلق @ اليوم: كيف تعاملك مع الآخرين عندما كنت في العسكرية حيث سياسة الأبواب المغلقة، وعندما كنت في الدبلوماسية التي تنتهج سياسة الباب المفتوح ؟ ـ البلاع: للعسكريين ظروفهم الخاصة، والسرية جزء أساسي في عملهم لتعاملهم مع اتصالات وأسرار قد تضر بمصالح البلاد إذا أذيعت، وعندما كنت في العسكرية كنت ككل العسكريين أحترم مهنتي ومتطلباتها وضوابطها. أما الدبلوماسية فهي مرآة عاكسة لسياسة الدولة فإن كانت الدولة تؤمن بسياسة الباب المفتوح تعامل السفارات مراجعيها بالمثل وإن كانت الدولة توصد أبوابها في وجه كل مواطن وتنظر إلى أبنائها من نافذة برج عاجي تحذو حذوها السفارات نحن بحمد الله ننتهج سياسة الباب المفتوح ولا توجد حواجز بين الحاكم والمحكومين لذا عندما كنت في سفارات المملكة في البلاد التي عملت بها كنت أسير على نفس النهج المبارك الذي اختطه ولاة أمر هذه البلاد في علاقتهم بالمواطنين . زيارة الاعتزاز والفخر @ اليوم: مدرسة الدبلوماسية ماذا أضافت لكم ؟ ـ البلاع: الدبلوماسية بالفعل مدرسة تعكس مستوى الدولة وما وصلت إليه تنموياً وثقافياً ...الخ ومن خلال هذه المدرسة يستطيع الإنسان خدمة بلاده. هذا موجز ما خرجت به من مدرسة الدبلوماسية عبر السنوات الطويلة. مما لا يفارق الذاكرة، عندما كنت في سوريا أقامت وزارة التعليم العالي السعودية برنامج زيارة تقوم بها الجامعات السعودية إلى سوريا كان البرنامج برئاسة الدكتور خالد العنقري ـ وفي البرنامج الثري قدم أبناء وطني منجزات أبهرت كل الحاضرين وجعلتني أزداد اعتزازاً ببلادي وفخراً بما وصلت إليه ومما قدمه الفريق الطبي السعودي القيام بعمليات جراحية في المستشفيات السورية، وتقديم أمسيات ثقافية تحدث فيها كثير من المبدعين ، وكان الحضور مميزاً ومتميزاً . مثل هذا النشاط لا يمكن أن تقوم به جريدة أو يقدمه تلفاز بهذا الحجم على مستوى المثقفين ليرى الآخرون إلى أي مدى وصلت بلادنا من العلم والثقافة .. هذه التظاهرة الثقافية بكل روعتها تكررت بالمغرب وأعطت أفضل النتائج .. وأتمنى المزيد من هذه الأنشطة ومادمنا نملك الكثير مما نقدم . التقاعد ليس نهاية @ اليوم: ماذا اختار البلاع برنامجاً يومياً في تقاعده ؟ ـ البلاع: التقاعد نهاية علاقة بالوظيفة ولكنه بداية العلاقة مع الحياة بكل مفرداتها من أسرة وأصدقاء وهوايات ومشروعات وتثقيف ذاتي ورياضة محببة إلى النفس وكل ما انقطع كلياً أو جزئياً بسبب الأنغماس في الوظيفة والتزاماتها وضوابطها . البحر صديق أثير أعشقه وأقرأ فيه العمق والحركة والتواصل وكل التعابير الجميلة .. أما الشعر الذي هو ديوان العرب الذي يهواه الجميع فلا أميل لارتباطه بذكرى غير سارة في حياة أسرتي فقد كان جدي من فحول الشعراء وقتل في معركة الشنانة بسبب قصيدة قالها شأنه شأن المتنبي قيثارة العرب. @ اليوم: من من الزملاء تتواصل معه في تقاعدكم ؟ ـ البلاع : اختلف الزمن كثيراً وألهت الناس عن التواصل مشاغل كثيرة حتى أصبحت الاسرة الواحدة في البيت الواحد لا يلتقي أفرادها إلا لماماً . كما أن العلاقات أصبحت إليكترونية بحيث قامت الاتصالات وأجهزتها الحديثة مقام التواصل حتى في النصح والإرشاد الذي كان يقدمه الكبار للصغار في مختلف مراحل حياتهم ظهرت قنوات تواصل تغذي جميع الفئات بالمعومات التي يريدونها .. حتى التسلية لها برامجها عبر الإنترنت .. وفي ظل هذه التغيرات يكون الفرد قانعاً بمن تبقوا من الأصدقاء المخلصين وهذه سنة الحياة وسمة العصر. محترمون في كل مكان @ اليوم: في ختام هذا اللقاء كيف ترى تجربتك كسفير سعودي ؟ ـ البلاع: أنا محظوظ عندما وجدت فرصة العمل سفيراً لبلادي لدى دول عربية وغير عربية ومبعث السرور أن المملكة العربية السعودية تحتل مكانة مرموقة بين دول العالم بأسره وهذا يعني أن ممثلها سيجد ترحيباً خاصاً أينما ذهب وما أروع أن تجد الاحترام أساس التعامل في حلك وترحالك .
اليوم برفقته في مشواره الرياضي
أخبار متعلقة
 
خلال حوار مع " اليوم "