DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مجتمع منتج ومتطور

التنمية الاقتصادية محرك فعال لبلورة المجتمع الانتاجي

مجتمع منتج ومتطور
مجتمع منتج ومتطور
أخبار متعلقة
 
ترتبط التنمية الشاملة الراهنة والمستقبلية في مختلف البلدان بمقدار ما تحققه التنمية الاقتصادية فيها من تغيرات ايجابية. فقد أصبحت التنمية الاقتصادية المحرك الفعال لنقل المجتمعات من حالة التأثير السلبي (المجتمع الاستهلاكي) الى التأثير الايجابي (المجتمع الانتاجي) في مجمل عناصر الحياة المعاصرة. واذا كانت التنمية الاقتصادية بهذا التأثير, فسوف تستمر محور النشاط المحرك للتغيير والتنمية الشاملة في المجتمعات. والتنمية الاقتصادية بدورها تتوقف على درجة الرقي العلمي والمعرفة التقانية. ان امتلاك المجتمعات لزمام المبادرة في هذين المجالين (الرقي العلمي, والمعرفة التقانية) هو ما سيمكن المجتمعات من تبوؤ مكانتها اللائقة في سلم التقدم. ويتوقع ان يكون النمو الاقتصادي في القرن الجديد ـ بالدرجة الأولى ـ على ما يمكن تسميته بصناعات القوة العقلية. ومثل هذه الصناعات يمكن ان تستوطن أي مكان في العالم تتوافر فيه المهارات اللازمة لانجازها وتطويرها, وبالتالي تحقيق مقولة وفي عالم صناعات القوة العقلية لن يكون دور امتلاك الموارد الطبيعية, او الأيدي العاملة الرخيصة, أو استثمار القوة العقلية رأس المال هي العوامل الأكثر حيوية في تحقيق النمو الاقتصادي, بل ان امتلاك قاعدة مهارات كفؤة يسمح بتخفيض تكاليف العمليات الانتاجية لأدنى مستوى ممكن, سيكون له كلمة الفصل في النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق تكتسب المستويات العليا للتعليم والتدريب أهمية فائقة لانها تسمح للقوى العاملة بالتكامل بشكل أفضل مع التقانة والتنظيمات التي يجلبها التطور الاقتصادي. وهنا تبرز كذلك الأهمية الحيوية لاكتساب المهارات العلمية والمهنية التي توفرها مؤسسات التعليم العالي, والتدريب المهني المتخصص, لأن العمالة الأحسن تعليما تستطيع التعامل بكفاءة أفضل مع البيئة التي تغلب عليها المؤسسات الانتاجية ذات التقانة الحديثة. كما يتوقع ان تكون الميزة التنافسية في القرن الميلادي القادم من صنع الإنسان, ويتطلب الإمساك بهذه الميزة قوى عاملة ماهرة ومؤهلة لمختلف مستويات الانتاج, لانها ستكون بمثابة الأيدي الماهرة, والعقول المؤهلة التي تسمح باستخدام التقانات الجديدة بكفاءة عالية. والتقانة بمضمونها المبسط ليست سوى فن استثمار المعرفة. وهي بذلك الوعاء الذي تنصهر بداخله القدرة الفنية الإبداعية والمعرفة العلمية لأفراد المجتمع. فالخبرة الفنية العملية ليست كافية لتحقيق فن استثمار المعرفة. كما ان التعليم وحده ليس شرطا كافيا لتحقيق فن استثمار المعرفة وبالتالي ضمان النمو الاقتصادي, وان كان شرطا ضروريا لها. فمساهمة أي من هذين العنصرين (الخبرة الفنية, والتعليم) على انفراد في التقدم التقاني المعاصر, وبالتالي النمو الاقتصادي محدود ومبتور, لأن مساهمة التعليم في هذا النمو لا تعتمد فقط على ايجاد المهارات, بل تتطلب ايضا المعرفة والخبرة الفنية في استخدامها واستثمارها بالطريقة المثلى. وكذلك الحال بالنسبة للخبرة الفنية العملية, فهي غير مؤهلة ـ منفردة ـ للوصول الى مستوى الإبداع في مجال فن استثمار المعرفة. يتطلب ادخال التقانة زيادة درجة التعليم اللازمة للعامل ذي الخبرة الفنية العملية, فهو يحتاج على الأقل الى معرفة كيفية عمل الآلة, وطبيعتها, والمبادىء التي تقوم عليها, وهذا من شأنه ان يزيد من مطالبة العامل بالرقي في معرفته, وطريقة تعامله مع الآلة التقانية وصيانتها, وطريقة الانتاج وتعزيزها. التطور والابتكار ان طبيعة المجتمع في ظل التقانة, وما يتطلبه من سرعة في التطورات التقانية في الصناعة, تتطلب البحث دائما عن عامل أكثر قدرة على متابعة التغيرات. فلا يكفي ان يكون العامل قادرا على أداء العمل المنوط به, ولكن يجب ان تتوافر فيه أيضا المقدرة المستمرة على التطور. وهنا يبرز دور العامل ذي المعرفة النظرية الأساسية التي تسمح له بالمرونة والتكيف والمقدرة على الابتكار الذاتي.والملاحظ ـ في الآونة الأخيرة ـ ان تحقيق التنمية الاقتصادية لم يعد يتوقف على ما يتوافر للبلد من عناصر الانتاج (كتوافر المواد الخام, والطاقة بأسعار منخفضة او زهيدة) بل أيضا على المستوى العلمي, والمهارات الفنية للقوى العاملة التي تمكنها من استيعاب تطورات فنون الانتاج الحديثة وملاحقتها. فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك ان التقدم التقاني الذي يعتمد على الجهد الانساني في البحث العلمي والابتكار, والمبادرة الى التطوير, والاختراع كان السبب في تزايد الانتاجية, ومن ثم تمكين المجتمعات التي اتقنت هذا الجانب من امتلاك زمام المبادرة في تحقيق التنمية الاقتصادية على أسس قويمة. وتشير تجارب الكثير من الدول المتقدمة تقانيا الى ان جزءا يسيرا من دخلها القومي يعود الى التزايد الكمي في الموارد البشرية, اما الباقي فيعود الى نوعية الموارد البشرية بصفة عامة والقوى العاملة بصفة خاصة, والتي ساهم التعليم والبحث العلمي في تحسينها. ويؤكد هذا الرأي مخرجات دالة الانتاج التي تظهر ان الاسهام الأكبر في تحقيق التنمية الاقتصادية لمجتمع ما والمحافظة عليها, واستمرارها يعود بالدرجة الأولى الى المستوى التقاني للمجتمع (يتم اكتساب المستوى التقاني من خلال التعليم الذي يثري المعرفة العلمية, والبحث العلمي الذي يصقل التجربة, والتدريب المهني الذي يرتقي بالخبرة العملية). فعنصر القوى العاملة دون تعليم ليس باستطاعته ان يؤدي دوره في مجال التنمية الاقتصادية المعاصرة التي تعتمد بالدرجة الأولى على التطورات التقانية واسهامات القوة العقلية. فالتعليم هو الذي يجعل العنصر البشري عنصر نمو وتقدم بدلا من كونه عنصر جمود وتأخر, لانه يسهم في تحسين انتاجيته النوعية والكمية ـ على حد سواء ـ ويجعل الفرد أكثر كفاءة, سواء في مجال اتخاذ القرار, أو في مجال التخطيط والتنظيم, أو من حيث حسن التصرف, والقابلية للتكيف والتلاؤم مع التطورات التقانية الحديثة التي تتطلبها التنمية. فالتعليم والتدريب سيساعدان على توظيف المعرفة, ونقل المعارف والمهارات لتحقيق فن استثمار المعرفة, والاستفادة على النطاق العالمي في عصر العولمة الاقتصادية. أنشطة البحث والتطوير تعد مؤسسات التعليم العالي مسؤولة بشكل أساس عن اكساب الأفراد المعارف المتقدمة, وعن انتاج المعارف العلمية والتقانية الجديدة من خلال البحث العلمي والتدريب المتقدم, كما تعمل كقنوات لنقل المعارف المولدة في الخارج ونشرها. واذا كانت مؤسسات التعليم العالي بالمملكة قد اتجهت ـ في الآونة التي تلت انطلاقة التنمية الشاملة ـ نحو الاهتمام بعنصر الكم لتخريج أكبر عدد ممكن من الجامعيين لشغل الوظائف القيادية في المؤسسات الاقتصادية المختلفة, ولم تول أنشطة البحث والتطوير والاهتمام المناسب بها, لأسباب موضوعية عدة لا يتسع المقام لسردها, إلا ان غالبيتها قد أيقنت ـ في السنوات الأخيرة ـ أهمية المباشرة بممارسة أنشطة البحث والتطوير لأسباب من أهمها انها تسهم بفعالية في الرقي بالعملية التعليمية, وتعمل على ربط المؤسسة التعليمية بالمؤسسات الاقتصادية بصفة مباشرة تؤثر فيها وتتأثر بها ايجابيا, وتسهم في تدريب الدارسين وأعضاء هيئة التدريس على فنون البحث العلمي التطبيقي ومجالات التطوير التي يفرزها, وإثراء المعرفة العلمية النظرية والخبرة العملية للأفراد, بما يعود ايجابيا على التنمية الاقتصادية, سواء في المدى القريب او طويل الأجل.واذا كان العقل ينمو ويزدهر بالتعليم فان المهارات والمعارف الفنية تصقل من خلال ممارسة البحث العلمي التطبيقي وأنشطة التطوير التقاني, وتكتسب درجة عالية من المرونة, مما يمكنها من ان تصبح مصدر الميزة للمنافسة في القرن الجديد.وضمن إطار متطلبات التنمية الشاملة الراهنة والمستقبلية, ومعطياتها يتوقع ان تواجه المملكة العربية السعودية ـ كغيرها من الدول النامية ـ تحديات كبيرة في مجال التنمية الشاملة (التنمية الاقتصادية, والاجتماعية) تتمثل في ضرورة المحافظة على استمرارية مسيرة التنمية التي انطلقت, وتواصلت بخطى متسارعة في العقدين الأخيرين, وبامتلاك المقدرة على التكيف والتأقلم مع المتغيرات الكبيرة والسريعة في مجالات العلوم والتقانة.والاستجابة لمتطلبات قوانين وسياسات العولمة الاقتصادية, وما ستفرضه على اقتصاديات الدول من منافسة شديدة ستكون في صالح الدول والشعوب القادرة على توفير قوى عاملة مناسبة ذات جدية والتزام عالميين, في حين ستواجه القوى العاملة غير المؤهلة للاستجابة للتغيرات الاقتصادية العالمية صعوبات جمة. ثم التكيف مع متطلبات الخصخصة للعديد من المشروعات الاقتصادية, وما سينتج عنها من اشتداد المنافسة بين القوى العاملة الفنية والمؤهلة التي تتسم بدرجة عالية من المرونة, والاستجابة لما ستؤدي اليه سياسات الخصخصة التي ستعمل على مكافأة العامل الماهر القادر على التكيف. الآلية المقترحة للتعاون ترتكز هذه الآلية على ما أفرزته مناقشة التنمية الشاملة الراهنة والمستقبلية من مؤشرات توجيهية, وتحذيرية في آن واحد. وهي تراعي امكانات, وقدرات طرفي التعاون لتحقيق هدف واحد يتمثل في توفير القوى العاملة الوطنية بالمواصفات الفنية, والمهنية, والعلمية التي تتطلبها مرحلة التنمية الشاملة في القرن الحالي. وتأخذ بعين الاعتبار ان الجهود المنفردة لأي من طرفي التعاون لا يمكنها الايفاء بمتطلبات العصر القادم, والمتمثلة في ضرورة توفير القوى العاملة التي تسمح بتكامل حلقات الحزام الناقل, (الرؤوس المخططة, والعقول الواعية, والأيدي المنفذة). وتسعى الآلية المقترحة الى تكامل الجهود المبذولة من قبل طرفي التعاون لتحقيق هذا الهدف وتشمل امكانات مؤسسات التعليم العالي أعضاء هيئة تدريس بمستويات راقية من المعرفة العلمية وبنى أساسية تتمثل في المختبرات الدراسية, ومختبرات البحث العلمي وأنظمة وأساليب إدارية متقدمة ووسائل الاتصال الكفء بمراكز انتاج المعرفة العلمية, والخبرة التقانية في الخارج وممارسة أنشطة البحث العلمي والتطوير التقاني, وهي تعمل على تزويد الدارسين بالمعرفة العلمية الحديثة, والسلوك الملتزم, وطريقة التفكير العلمي التحليلي, وأساليب البحث والتطوير والابتكار. أما إمكانات مؤسسات ومراكز التعليم الفني والتدريب المهني فتشمل أعضاء هيئة تدريس بمستويات راقية من الخبرة المهنية العلمية وأجهزة وأدوات ومنشآت تدريب حديثة. وهي تعمل على تأهيل المتدربين فنيا, واكسابهم الخبرة المهنية, وتعويدهم التعامل مع الآلة دون خوف او مهابة, ومعرفة طرائق تشغيلها وصيانتها.يمكن لمؤسسات التعليم العالي ان تقوم بتزويد مؤسسات, ومعاهد ومراكز التعليم الفني والتدريب المهني بالمعرفة العلمية الحديثة, والمتقدمة في المجالات ذات العلاقة المباشرة بأنشطة تلك الجهات, ومن خلال الدورات الدراسية القصيرة, وبرامج التعليم المسائية, وإتاحة الفرصة للراغبين من منسوبي تلك الجهات (ممن تنطبق عليهم معايير الدراسة الجامعية) لمواصلة دراستهم للحصول على درجات جامعية عليا بمختلف المستويات. على ان تقوم المؤسسات التابع لها الدارسون بتحمل نفقات دراستهم وما يترتب عليها من مصروفات جامعية. كما تقوم مؤسسات التعليم العالي بإرسال المهتمين, والمتميزين من أعضاء هيئة التدريس لقضاء فترات متفاوتة في العمل لدى مراكز التدريب التابعة للمؤسسات الانتاجية. وبالمقابل تقوم تلك المؤسسات بتقديم مكافآت تشجيعية وتسهيلات مناسبة لحفز أعضاء هيئة التدريس على القيام بالأعمال التي توكل مهمة تنفيذها اليهم.وتعمل هذه المؤسسات على الاستفادة من خبرات القوى العاملة الفنية التابعة لمؤسسات, ومعاهد ومراكز التعليم الفني والتدريب المهني في مجال تدريب الطلاب الجامعيين في المراحل الأولى لدراستهم. وبالمقابل تقدم مؤسسات التعليم العالي المكافآت التشجيعية المختلفة للمشاركين في هذه الأنشطة. وتعمل كذلك على إتاحة الفرصة للمتميزين من منسوبي تلك الجهات للاشتراك في تنفيذ مشاريع بحوث, والاشراف على الأبحاث التي يجريها طلاب الدراسات العليا في المجالات التطبيقية, وكتابة الرسائل, والأبحاث, والدراسات الجامعية. اضافة الى إتاحة الفرصة لأفراد القوى العاملة الفنيين المؤهلين تأهيلا علميا عاليا لتبوؤ مراكز قيادية في سلم أعضاء هيئة التدريس, وامتلاك فرصة شغل كراسي. على ان تقوم المؤسسات الانتاجية التابع لها هؤلاء المتخصصون بتحمل نفقات كرسي الاستاذية لمدد مناسبة.أما بالنسبة لمؤسسات ومعاهد ومراكز التعليم الفني والتدريب المهني فيمكن ان تقوم بالتجاوب مع مؤسسات التعليم العالي في مختلف الأنشطة الموجهة لعملية التنسيق والتكامل فيما بينها. فتعمل على اشراك أكبر عدد ممكن ومناسب من منسوبيها في الدورات الدراسية القصيرة, والاشتراك في برامج الدراسة المسائية, وتشجيع منسوبيها على مواصلة الدراسة ـ ما أمكن ـ للاستزادة من المعرفة العلمية وتحصيل درجات جامعية عليا, وإتاحة الفرصة لهم, وتشجيعهم على الاشتراك في أنشطة التدريب والتدريس في مؤسسات التعليم العالي, وحثهم على الاشتراك في تنفيذ مشاريع البحوث التطبيقية التي تجرى بواسطة منسوبي مؤسسات التعليم العالي في المؤسسات الانتاجية والاشراف عليها, والاسهام في تمويل كراسي الاستاذية لدى مؤسسات التعليم العالي, ليشغلها أحد منسوبي المؤسسة الانتاجية الكفء المتميز. وتعمل هذه الجهات على إتاحة الفرصة لتدريب طلبة مؤسسات التعليم الجامعي, وتقديم مكافآت تشجيعية للملتزمين والمتميزين منهم, بالاضافة الى اتاحتها الفرصة لأعضاء هيئة التدريس بممارسة أنشطة البحوث العلمية التطبيقية التي يشارك فيها, ويشرف على تنفيذها داخل المنشآت الانتاجية الأفراد المؤهلون من منسوبي تلك المنشآت.