DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

معاناة الاكتئاب

الفرد مابين الإكتئاب والقلق والحزن والوسواس

معاناة الاكتئاب
معاناة الاكتئاب
أخبار متعلقة
 
الإكتئاب يعد من أبرز المشاكل الصحية الرئيسية في العالم. وهو من أقدم الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان. ونحن في ظل هذه التغييرات التي نعيشها بالأوضاع الراهنة مابين الخوف من المستقبل المجهول الذي يواجهنا وما بين الاضطرابات النفسية التي نعانيها اثر استهلاك الوقت بالعمل والتعب والتعامل مع أصناف عديدة من الناس نواجه ما يسمى الاكتئاب والذي يعرفه مجموعة من علماء النفس بأنه تغير النفس بالإنكسار من شدة الهم والحزن والانغماس في التعب من أعباء الحياة. ولكن يا ترى ما الفرق بين الحزن والإكتئاب والقلق هل جميعها مرض نفسي واحد وتعددت المصطلحات؟ وكيف يمكننا تصنيف الاكتئاب؟ وما مظاهره التي قد نتعرض لها؟ وما السبب الرئيسي للإكتئاب؟ ويقال ان المرأة تتعرض للاكتئاب بصورة أشد من الرجل هل هذا صحيح؟ وما علاقة المرأة بالاكتئاب؟ وماذا عن الأطفال وكبار السن هل هم كذلك يتعرضون لهذا الوباء الفتاك والمدمر للنفوس وأخيرا كيف يمكننا التغلب عليه؟ أسئلة ومحاور وجهت للدكتور محمد حباشنة اختصاصي الطب النفسي بمستشفى الرشيد للطب النفسي بعمان الأردن فكان هذا الحوار: @ ما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟ هل هناك فرق بينهما ام كلاهما مرض نفسي واحد وتعددت المصطلحات؟ ـ د. محمد: ان الشعور بالحزن من متطلبات حياة الانسان ولابد لكل فرد من بني البشر أن يمر بلحظات أو ساعات وأحيانا بأيام أو بأسابيع من الشعور بالحزن والهم والغم والنكد لسبب أو لآخر. فهذا حزين لانه رسب في امتحان وذاك خسر في التجارة وفلانة تبكي فراق زوجهاالذي توفاه الله.. هذه الأمثلة وغيرها الكثير الكثير قد يمر بنا جميعا دون استثناء ومن الملاحظ في مشاعر الحزن ان تبدأ بحدث او ظرف معين وتتصاعد معه وما تلبث ان تخف وتتلاشى في فترة تتراوح من ساعات إلى بضعة شهور ومن المألوف ان الحزن لا يستمر على نفس الشدة ولا يعطل حياة الانسان ولكن الاكتئاب يختلف في النوع والكم والتطوير وقد يبدأ حزنا عاديا ويتطور للاكتئاب.. ولكنه كثيرا ما يبدأ اكتئابا دون مقدمات وأسباب للحزن ومن الممكن ان يتحول الحزن الطبيعي المقبول الى اكتئاب في أية لحظة. @ هل الإكتئاب يصيب كل الأعمار أم له فئات معينة؟ ـ د. حباشنة: الاكتئاب يصيب كل الأعمار ولكنه اكثر ظهورا في العقد الثالث والرابع من العمر وهي قمة سنوات العطاء عند الفرد ومعروف ان الاكتئاب أكثر انتشارا بين النساء منه بين الرجال بثلاثة أضعاف على الأقل. كما ان غير المتزوجين والأرامل والمطلقين أكثر عرضة من المتزوجين خصوصا الرجال. أما بين النساء فيبدو أن الزواج يزيد من فرص الاكتئاب كما ان هناك ميلا لفئات معينة من الناس للاكتئاب أكثر من غيرها مثل الأشخاص ذوي الشخصيات المتطرفة ومن يعانون أمراضا مزمنة أو أمراضا خطيرة ومن يتعاطون الكحول والمخدرات وبعض المرضى الذين يعانون أمراضا نفس جسدية كالربو وارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة كما ترتفع معدلات الاكتئاب في نزلاء السجون أما بالنسبة للطبقات الاجتماعية والثقافية فمن الواضح ان جميع الطبقات تصاب بالاكتئاب مع ان هناك بعض المؤشرات تفيد ان الطبقات المتوسطة أقل تعرضا للاكتئاب من الطبقات الأقل حظا والعالية. @ ماذا لو ترك الاكتئاب من دون علاج؟ ـ د. حباشنة: اذا ترك الاكتئاب دون علاج فإن بعض حالاته قد تتحسن تلقائيا دون علاج ولكن على الأغلب انه سيستمر ويتفاقم وقد يؤدي لمضاعفات ومحاولات انتحار وتكرارها. أما مع العلاج فإن اكثر من ثلثي المرضى يكونون قد شفوا بعد مرور سنة وهناك نسبة قليلة لا تتجاوب مع العلاج وقد يصبح مرضها ضمن فئة الاكتئاب المستعصي او المزمن. وعلى مدى خمس سنوات من بداية المرض فإن هناك احتمالا لانتكاس عند نصف من أصيبوا بالاكتئاب ولكن من الملاحظ ان المريض عندما يكون قد مر بالتجربة الأولى للاكتئاب وتخطاها فإنه سيكون أقدر على التعامل مع التجربة الثانية بسرعة ودون تأخير وبثقة وهناك فئة الاكتئاب المتكرر وهذه الفئة من المرضى بحاجة للعلاج الوقائي طويل الأمد. @ وماذا عن مظاهر الاكتئاب التي يتعرض لها الشخص المكتئب؟ ـ د. حباشنة: تتنوع مظاهر الاكتئاب في اشكالها وشدتها وذلك حسب نوع الاكتئاب ومدته وهل ترافقه أعراض أخرى أم لا؟ ومن أي أنواع الاكتئاب هو. ولا ننسى ان الاكتئاب لابد ان يتماشى في مظاهره مع طبيعة الشخصية وظروف الفرد وجنسه وعمره. @ لو أتينا إلى المظاهر الرئيسية للاكتئاب من الناحية العملية ففي ماذا تتمثل؟ ـ د. حباشنة: هناك مظاهر رئيسية عملية تظهر في المزاج والمظهر والحركة وفي الأكل والنوم والنشاط والتفكير. فمثلا بالنسبة للمزاج فإنه يتكدر مزاج الشخص المكتئب ويهبط ويشعر باليأس والقنوط وعدم القدرة على الاستمتاع ويفقد الرغبة في ممارسة أموره المختلفة في حياته اليومية كالعمل او الدراسة ويفقد حماسه للهوايات والمطالعة ومتابعة التلفاز ويجد ان كل ما يقوم به هو عبء ثقيل لابد ان يجبر نفسه عليه. وفي الأغلب يكون المزاج في أسوأ أحواله في الفترة الصباحية ويتحسن في المساء. وقد يبدو المزاج المكتئب واضحا على تعابير الفرد فيميل إلى العبوس ويقل الضحك والابتسام الى أقل درجة. وقد تصبح الدموع سهلة وملحوظة. ولكن عندما يشتد الإكتئاب قد يصعب على المريض أن يبكي. وقد لا يتغير مظهر المريض بشكل واضح في حالات الاكتئاب البسيطة والمتوسطة أحيانا. ولكن التدقيق في المريض ومقارنة مظهره الحالي مع مظهره السابق لمن يعرفه يجد فيه الإهمال بالأناقة والمظهر. وقد يتحاشى المكتئب النظر المباشر في عيون محدثه. ويميل للنظر إلى الأرض. وعندما يكون المريض في الفراش لا يتحرك ومع انه واع وعيناه مفتوحتان إلى أنه لا يتجاوب مع الأسئلة والمثيرات ويكتفي بتحريك النظر. وقد يترافق الاكتئاب مع تهيج شديد في الحركة وتجد المريض غير قادر حتى على الجلوس يفرك يديه ويتحرك طوال الوقت بلا هدف. ورغم شعوره بالارهاق الشديد حتى الجلوس لعشر دقائق لاستكمال فحصه من قبل الطبيب قد يصبح مستحيلا. وأما بالنسبة للنوم فإنه يضطرب في الأغلب فيصحو المريض مبكرا وفي أشد حالات الضيق والانزعاج ولا يستطيع العودة إلى النوم وقد يصحو نتيجة الكوابيس التي تدور حول الموت والأموات ومن الممكن ان يكون النوم متقطعا وغير مشبع حتى ولو كانت ساعاته كافية وفي الحالات التي يترافق فيها الاكتئاب مع بعض القلق النفسي قد يجد المريض صعوبة في أن يبدأ النوم أيضا. وفي الحالات الشديدة قد ينقطع النوم نهائيا وفي نسبة قليلة من المرضى قد يزيد النوم ويسمى هذا الاكتئاب غير النموذجي. وبالنسبة للطعام تقل شهية المكتئب للطعام وقد يأكل بلا شهية ثم يصل إلى درجة عدم القدرة على رؤية الطعام أو شم رائحته ويترافق هذا مع هبوط الوزن. وفي قلة من المرضى قد يزيد الطعام والوزن خصوصا في الاكتئاب الموسمي أوغير النموذجي في الإناث والذي يترافق مع زيادة في النوم. واذا التفتنا الى النشاط فإنه يقل عموما عند المكتئب فقد ينقطع عن زيارة الأهل والأصدقاء ويختفي عن المناسبات والأفراح. ويقضي وقتا طويلا منعزلا صامتا. حتى الواجبات الدينية والتردد على المساجد يتوقف. كما ان قلة النشاط الاجتماعي قد يفهم من قبل الناس على أنه عدم رغبة في التعامل معهم ويأخذون موقفا سلبيا من المريض وأسرته (مما يزيد الطين بلة) فلا يفكرون بزيارته أو الاتصال معه أو الاستفسار عن صحته. مما يزيد شعوره بالوحدة وفقدان الأمل. مما يدفعه للتشاؤم من المستقبل والناس. أما عن تفكير الإنسان المكتئب فإنه يتغير فلا ينظر للأمور إلا من منظار تشاؤمي قاتم يرى نفسه فاشلا ولا يثق بنفسه للقيام بالمهام البسيطة التي طالما كان يقوم بها بتفوق ولا يرى من الأشياء إلا مساوئها وتسيطر على تفكيره تساؤلات عن جدوى الحياة ومعناها ويفاضل بين هذه الحياة والموت ويصل للتفكير بأن الموت هو الأفضل فيتمناه. @ هل نستطيع ان نقول ان الاكتئاب مرض وراثي؟ ـ د. حباشنة: خلال العقود الثلاثة الماضية كانت هناك دراسات مكثفة لدور العوامل الوراثية في هذا المرض وتبين بشكل قطعي ان هناك استعدادا وراثيا يظهر بشكل واضح في بعض العائلات خصوصا في حالات الاكتئاب الذهاني والاكتئاب الشديد. @ كيف يمكننا تشخيص الاكتئاب؟ ـ د. حباشنة: ان تشخيص الإكتئاب كغيره من الأمراض النفسية يعتمد على الأعراض التي يشكوها المريض وشدتها ومدتها ومحاولة الاحاطة بها وفهمها كما يرويها المريض. وقصة المرض كاملة منذ بدايته ودراسة التاريخ الشخصي للفرد مع التاريخ العائلي للمريض والتاريخ الطبي اضافة الى الفحص الطبي العام وبالتالي خطة العلاج مبنية على التشخيص النهائي. @ ماذا عن المرأة والاكتئاب؟ ما علاقة المرأة بالإكتئاب؟ ـ د. حباشنة: من المعروف ان المرأة أكثر عرضة للإكتئاب من الرجل بثلاثة أضعاف. وفي مختلف المجتمعات. ومن المؤسف انه رغم هذا الارتفاع الواضح للاكتئاب بين النساء فإننا لا نجد انهن يصلن إلى العلاج بنفس النسبة. وعلى الأغلب فإن الرجل أكثر حظا في الوصول للعلاج من المرأة. @ هل هناك عوامل أساسية ترفع معدل الاكتئاب عند المرأة؟ ـ د. حباشنة: نعم هناك عوامل عديدة منها فترة الحمل والولادة وما يعنيه ذلك من تغيرات فسيولوجية وهرمونية وتغير في الدور الذي تؤديه المرأة في الاسرة والمجتمع. كما ان الوضع النفسي والاجتماعي للمرأة عموما في مجتمعنا بالذات يحوي الكثير من الكتب والقمع والاضطهاد للانثى وهي اكثر عرضة للعنف الأسري بعد الزواج. حتى المرأة التي تعلمت وأصبحت استاذة جامعية أو طبيبة أو مهندسة وتعمل وتنتج وتعتمد على نفسها اقتصاديا مازالت تعاني الكثير من القهر والتفرقة. ومن المعروف ان بعض النساء اللاتي يعانين توتر ما قبل الدورة الشهرية قد تظهر عليهن أعراض الاكتئاب بشكل واضح قبل كل دورة شهرية وهذا يتطلب العلاج. كماان نسبة من النساء لا يتحملن أقراص منع الحمل وقد تؤدي الى التوتر والقلق والاكتئاب. أما بعد الولادة فإن اكثر من نصف النساء تظهر عليهن أعراض كآبة عابرة بين اليوم الثالث والخامس بعد الولادة ولا تحتاج هذه الحالة لأي معالجة وذلك ان مجرد التطمين والعلم المسبق بإمكانية حدوثها وزوالها تلقائيا بأقل من أربع وعشرين ساعة يكون كافيا. وخلال الأسابيع الستة التي تعقب الولادة فإن عشر النساء يعانين اكتئاب النفاس بدرجات متفاوتة. @ وهل ممكن ان يد الاكتئاب تمتد إلى فئة الأطفال والمراهقين؟ ـ د. حباشنة: يصيب الاكتئاب طفلا من كل 50 تحت سن 12 ويصيب مراهقا من كل عشرين. وكثيرا ما يعاني الأطفال والمراهقون ولا يكترث أحد لمعاناتهم إذ تعد الاسرة هذه المظاهر غير مهمة وغالبا ما ينظر إليها أطباء الأسرة وأطباء الأطفال على انها مرحلة في النمو لا داعي للاكتراث بها. رغم ان الطفل وحتى بعض المراهقين قد لا يعبرون بكلمات واضحة عن مشاعر الاكتئاب ولكن دراستهم تتأثر وتكيفهم الاجتماعي وعلاقاتهم تتأثر وقد يتجهون الى الانحراف السلوكي وكثيرا ما يلاحظ ان الآباء والامهات يرتبكون في تحديد ما اذا كان الطفل مكتئبا ام لا والحقيقة ان على الوالدين تقديم الملاحظات للطبيب وهو المؤهل للتشخيص. @ وهل للاكتئاب يد على كبار السن؟ ـ د. حباشنة: يزداد الاكتئاب عند كبار السن ويشكل أهم الامراض النفسية في الشيخوخة. ويقدر انتشار الاكتئاب فوق سن الستين بما يزيد على الثلث كأعراض اكتئابية. ولابد من الأخذ بعين الاهتمام ان كبار السن غالبا ما يعانون اضطرابات وامراضا عضوية. كما ان فقدان المسن لشريك حياته له أثر سلبي كبير على التوازن النفسي ومن المعروف ان حالات خرف الشيخوخة بأنواعها المختلفة قد تبدأ أيضا بمظاهر اكتئابية ومزاجية بشكل عام. أو سلوكية وذهانية. @ وكيف يمكن تفادي الاكتئاب بالعلاج؟ ـ د. حباشنة: هناك قسمان رئيسيان لعلاج الاكتئاب: أ) العلاج الفيزيائي وينقسم الى قسمين؛ علاج بالعقاقير ويشمل الأدوية والأعشاب ومشتقاتها. والعلاج بالاختلاج الكهربائي. ب) العلاج النفسي ويشتمل على عدة أساليب تستند كل منها الى نظرية خاصة في تفسير السلوك الانساني وبالتالي تفسير الاكتئاب وقبل كل ذلك يبقى العلاج الأساسي من أي مرض نفسي هو القرب من الله عز وجل وتقوية العقيدة والإيمان والرضا بالقضاء والقدر. @ أخيرا ماذا عن مصطلح عسر المزاج هل له صلة بالاكتئاب؟ ـ د. حباشنة: يعتبر عسر المزاج كمفهوم سريري حديث العهد ويعود تاريخه إلى عام 1980 حيث تم تبنيه رسميا من قبل الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين ويشير المصطلح إلى حالة اكتئابية مزمنة لكنها أقل في حدتها من حالة الاكتئاب الكبرى.