عزيزي رئيس التحرير
بتأثر شديد قرأت مقالة الاستاذ نجيب الزامل المنشورة في جريدتكم (اليوم) تحت عنوان (هؤلاء الملتحون).. العدد 10805 وتاريخ 11/11/1423هـ.
ومنذ الاقتناص الذكي الذي افتتح به الزاوية, ومقولة العالم الغربي اينشتاين (العلم بدون تدين اعرج, التدين بلا علم أعمى).. أقول: منذ هذا الاقتناص وقعت ملاحظاتي على علاقة المتدينين بالعلم وعلاقة العلماء بالدين.
وجميل من الاستاذ الزامل ان يرصد صور اللحى الكثيفة التي يطلقها اصحابها امتثالا لتكليفاتهم الشرعية وتتويجا لعقولهم النيرة التي تتعاطى مع العلوم العصرية والمبتكرات الحديثة بوعي ومهنية واقتدار.
اطلاق اللحية و اعفاؤها مسألة تكليف شرعي, وهي لدى النماذج المشرفة التي توقف عندها الزامل كذلك. ونحن ـ والاستاذ الزامل ـ وجدنا في هذه اللحى الكريمة عقولا مفكرة ونفوسا طيبة تتعاطى مع أمور الحياة بمسؤولية علمية, فلا يكون الموضوع محصورا في (اطلاق لحية) وممارسة الحياة على نحو سطحي بعيد عن واقع العلم ومتطلبات النهوض العلمي والحضاري الذي يخدم الأمة ويساعد على تقدمها.
ان العباقرة المسلمين الأوائل كان أغلبهم من المتدينين وكان بعضهم يتوضأ قبل ان يشرع في دخول مختبره او كتابة بحوثه او مناقشة طروحاته. وكانت كثير من العلوم غير الشرعية تطرح في المساجد ودور العبادة تأكيدا على اهتمام الدين بالعلم وتسخيره لخدمة الإنسانية بشكل عام.
وهذا هو الطبيعي الذي ينبغي علينا ان ندركه ونتفهمه. فالنماذج المشرفة للمهنيين والعلماء المتدينين لا يمكن حصرها في نشاط من الأنشطة التجارية مثل المعرض الذي زاره الاستاذ الزامل.
وهذا يعني ان اعلامنا مطالب بإبراز اللحى (الأخرى) في هذا البلد الطيب, وهي وجوه لا تهتم باطلاق شعر الوجه دون عمق علمي او فكري او ثقافي.. انها ليست أشرطة كاسيت تردد ما تسمعه وكفى, بل هي وجوه لكفاءات علمية واعية تمارس الدين عبادة, وتمارس العلم واقعا لا بد من التفوق فيه, وفوق ذلك انها وجوه مؤمنة بعقيدتها متسامحة صادقة, مسالمة, وتعكس الصورة الحقيقية لهذه الأمة التي بنيت على السلام والمحبة واحترام الإنسانية التي كرمها الله الخالق عز وجل.
حنظلة العبسي ــ الدمام
