قرأت مؤخرا ان اربعة سعوديين اثنان منهم مصابان باعاقة ضمن طاقم لقيادة باخرة اللورد نلسون الضخمة في رحلة بحرية مليئة بالتحديات تجوب محيط المملكة المتحدة، ومدة هذه الرحلة ثمانية ايام، والهدف من هذه الرحلة الرفع من درجة الوعي بقضايا المعاقين والترويج لاندماجهم في المجتمع، (هذه الرحلة تدخل في اطار مذكرة التفاهم حول التعاون الرياضي بين المملكتين) وليست الرحلة هي المهم ولكن الاهم هو اهتمام الدولة الكبيرة بهذه الشريحة من المجتمع ومساواتها بالشرائح الاخرى وربما تكون اكثر اهتماما، اتاحة الفرص لابراز دور المعاق الفعال في المجتمع وقدرته على التحديات يكسبه الثقة بالنفس والكفاءة على انجاز ادوار فعالة بطريقته الخاصة، فالمحك يقتضي امرين اما ان يستسلم لاعاقته ويصبح اسير الاوهام والهواجس او يتحول الى متحد لاعاقته ومصر على العزيمة في مواجهة تلك الاعاقة فما دام قد سلم عقله وفكره فقد سلم اداؤه ايضا والكارثة تهميش هذا الانسان حيث ان هذه الفئة تواجه خطر العزلة والانفصال عن المجتمع خاصة فئة الاعاقة ذات الشلل الدماغي لما لها من مشاكل سببها الاعاقة نفسها بجميع اشكالها (الصمم وغيره) وما ينجم عنها من انطوائية وسلبية تجاه الآخرين سلوكا ووجدانا، وايضا بفضل الله ثم بفضل الاهتمام والرعاية الخاصة استطاعت غالبية هذه الشريحة التغلب على السلبيات واصبح لها دور ايجابي وفاعل في المجتمع، وبفتح قنوات الاتصال بينهم وبين مختلف شرائح المجتمع، فمن انسان مشفق عليه وعالة على والديه والمجتمع الى ثروة قادرة على الابداع والانتاج، معتمدة على قدرتها الذاتية ومستنهضة الطاقات الكامنة فيها لخدمة نفسها ووطنها بل احيانا تتفوق على الاسوياء بخدمته المخلصة للوطن وفي دمج الاطفال المعاقين بالمدارس العادية انجاز عملي عظيم فان تكون هناك اعاقة ولا معاق، والمعاق الحقيقي معاق الضمير ومن المؤسف ان يكون بيننا مصاب بهذه العاهات، وما اكثرهم، خاصة من لا رقيب عليه اثناء عمله سوى الله وكفى به رقيبا سبحانه.
