التحرك السعودي السريع في اعقاب صدور القرار الشاروني الجائر بابعاد الرئيس الفلسطيني عن ارضه، حيث جاء التحذير الامريكي لاسرائيل بعدم الاقدام على الابعاد في اعقاب الاتصال الهاتفي الذي أجراه سمو ولي العهد مع الرئيس الامريكي موضحا له خطورة اتخاذ هذا القرار المتهور، وانه يشكل تحديا بالغا لعملية السلام في المنطقة ويدخلها في دوامة من العنف المتبادل، هذا التحرك السعودي السريع والنشط اقنع الادارة الامريكية بخطورة الاوضاع التي سوف تواجهها المنطقة في حالة انفاذ القرار، وبالتالي فان البيت الابيض مارس ضغطا معينا على اسرائيل دفعها الى العدول عن القرار وسحبه، بل انه ادى الى وضع شارون في موضع حرج وورطة حقيقية اديا الى نشوب ازمة سياسية تحاول الحكومة الاسرائيلية الخروج منها، فشارون وضع حكومته بتهوره وتسرعه في موقف حرج، لا سيما ان ورقة الضغط الامريكية ألجمت جماح اليمين المتطرف في اسرائيل واصابته بصدمة عنيفة لم يفق منها بعد، وهذا التحرك العقلاني والسليم يدفع للخروج بنتيجتين حيويتين أولاهما عدالة القضية الفلسطينية ومنطقية معالجتها بحكمة وتعقل واتزان للخروج بأفضل النتائج الكفيلة بإبعاد المنطقة عن مزيد من العنف واراقة الدماء، واهمية الثقل السياسي الذي تتمتع به المملكة وقدرتها الفائقة على نصرة ومناصرة القضايا العربية العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين المركزية، والنتيجة الاخرى ان بامكان العرب ان يمارسوا دبلوماسيتهم المتزنة مع الادارة الامريكية لحملها على ممارسة ضغوط معينة على اسرائيل تدفعها لاحترام الشرعية الدولية والقرارات الاممية ذات الشأن، ويبدو ان الظروف مواتية ومتاحة لممارسة المزيد من العمل الدبلوماسي في هذا الاتجاه، لاسيما ان تسوية الازمة الفلسطينية لا يمكن ان تتم بمنأى عن الدور الامريكي الذي مازال شريكا فاعلا لحلحلة ازمة المنطقة برمتها، ولابد من تحرك عربي على نطاق واسع لحمل هذا الشريك على استخدام اوراقه الضاغطة على اسرائيل، وهو يملك كافة مفاتيح الضغط، ويملك حرية استخدامها ايضا.
